القضاء بالملك للوارث يحتمه الإرث إنما يكون بواسطة ثبوتها للمورث، فلا بد من معرفته ليمكنه القضاء له ثم ينتقل منه إلى الوارث، وتعريفه بذكر اسمه ونسبه، ثم يكتب: وترك داراً بالكوفة في بني فلان إلى آخر ما ذكرنا، ثم يكتب: وكانت هذه الدار ملكاً وحقاً لفلان بن فلان بن فلان وفي يده وتحت تصرفه إلى أن توفي وخلف فلاناً لا وارث له غيره، وترك هذه الدار المحدودة ميراثاً له، ولا ينبغي أن يكتفي بذكر المدعي لا أعلم له وارثاً غيري؛ لأنه إذا قال: لا أعلم له وارثاً، فما ادعى استحقاق جميع الدار لنفسه بل أظهر الشك في ذلك بالإضافة إلى علمه، فكيف يقضي له بملكية جميع الدار ثم يذكر، وأتاني فلان المدعي بفلان وفلان فشهدوا أن فلان بن فلان توفي إلى آخر ما ذكرنا.
وإذا وقع الدعوى في العقار وطلب المدعي من القاضي أن يكتب له (في) ذلك كتاباً، فهذا على وجهين: إما أن يكون العقار في بلد المدعي ويكون المدعى عليه في بلد آخر، وإما أن يكون العقار في بلد آخر غير البلد الذي فيه المدعي، وإنه على وجهين: إما أن يكون في البلد الذي فيه المدعى عليه أو يكون في بلد آخر غير البلد الذي فيه المدعى عليه، وفي الوجوه كلها القاضي يكتب له بذلك كتاباً؛ لأن العبرة في هذه الغيبة للمدعى عليه.
فبعد ذلك إن كان العقار في البلد الذي فيه المدعى عليه ووصل الكتاب إلى المكتوب إليه يعمل به بشرائطه على ما بينا، ويحكم به للمدعي، وأمر المحكوم إليه بتسليمه إلى المدعي، وإن امتنع المدعى عليه عن التسليم فالقاضي يسلم بنفسه؛ لأن العقار في ولايته فيقدر على تسليمه.
وإن كان العقار في البلد الذي فيه المدعي، فالقاضي المكتوب إليه بالخيار، إن شاء يبعث المدعى عليه، أو وكيله مع المدعي إلى القاضي الكاتب حتى يقضي له عليه، ويسلم العقار إليه، وإن شاء حكم به لوجود الحجة وسجل له وكتب له قضية العقار، ليكون في يده وأشهد على ذلك ولكن لا يسلم العقار إليه؛ لأن العقار ليس في ولايته فلا يقدر على التسليم إلا أن العجز يمنع التسليم، أما لا يمنع الحكم بالملك، فلهذا قال: يحكم بالعقار للمدعي ولكن لا يسلم إليه.
ثم إذا أورد المدعي قضية القاضي المكتوب إليه إلى القاضي الكاتب وأقام بينة على قضائه، فالقاضي الكاتب لا يقبل هذه البينة؛ لأنه يحتاج إلى تنفيذ ذلك القضاء، وتنفيذ القضاء بمنزلة القضاء، فلا يجوز على الغائب ولكن ينبغي للقاضي المكتوب إليه، أنه إذا قضى للمدعي وسجل له بأمر المدعي المدعى عليه أن يبعث مع المدعي أميناً لتسليم الدار إلى المدعي، فإن أبى ذلك كتب المكتوب إليه إلى الكاتب كتاباً، ويحكي كيفية كتابه الذي وصل إليه ويخبره بجميع ما جرى بين المدعي وبين المدعى عليه بحضور المدعي وبحكمه عليه بالعقار وأمره إياه، أن يبعث معه أحداً ليسلم العقار إليه، وامتناعه عن ذلك ثم يكتب، وذلك قبلك وسألني المدعي الكتاب إليك وإعلامك بحكمي له على فلان بذلك ليسلم إليه هذا العقار، فاعمل في ذلك يرحمك الله وإيانا بما يحق لله عليك ويسلم