جميع الصور، حتى إن من أقر بأخ وله أخ معروف وصدقه المقر له في إقراره وكذبه الأخ المعروف، صح إقراره في حق نفسه، حتى لا يشارك المقر له الأخ المعروف في نصيبه.
فقد فرق بين الرجل وبين المرأة في الإقرار بالابن، فصححه من الرجل ولم يصححه من المرأة، وكان ينبغي أن لا يفرق بينهما؛ لأن علة انتساب الولد بانخلاق الماء، وهما في ذلك على السواء، والجواب: أن هذا من حيث الحقيقة هكذا، أما من حيث الحكم فالنسبة إلى الآباء، قال الله:{ادعوهم لآبائهم}(الأحزاب: ٥) وقال الله تعالى: {وعلى المولود له}(البقرة: ٢٣٣) فالأب في هذا الباب أصل والأم تابع، فإذا أقر الرجل بالابن فقد أقر على نفسه، وإذا أقرت المرأة بذلك فقد أقرت على الغير فلا يصح.
وفرق في حق الرجل بين الإقرار بالابن وبين الإقرار بالأخ والعم وما أشبههما، والفرق أن الإقرار بالبنوة إقرار على نفسه وإقرار الإنسان على نفسه صحيح، فأما الإقرار بالأخ والعم إقرار على الغير ابتداء وهو الأب أو الجد فإنما يصير أخاً له بواسطة ثبوت البنوة من الأب بإقراره، فكيف يثبت بواسطة الأخوة وكذا الإقرار بابن الابن غير صحيح؛ لأنه لا بد له من ثبوت البنوة من أبيه، ولا يجوز أن يثبت البنوة من أبيه بإقراره، وإنما صح الإقرار بالأب والزوجة والزوج والمولى؛ لأنه ليس بإقرار على الغير وهذا كله إذا لم يدع مالاً بدعوى النسب، فأما إذا ادعى مالاً بدعوى النسب، بأن ادعى رجل وامرأة على رجل أنه أخوه لأبيه أو أخته لأبيه وقد مات الأب وترك أموالاً كثيرة في يد هذا وطلب الميراث وادعى رجل وهو زمن على رجل أنه أخوه لأبيه وطلب من القاضي أن يفرض النفقة عليه، وأنكر المدعى عليه ذلك، فالقاضي يحلفه، لأن المقصود دعوى المال وفي دعوى المال يستحلف بلا خلاف.
وكذلك إذا لم يدع مالاً بدعوى النسب ولكن ادعى حقاً في ضمن دعوى النسب لا يثبت له ذلك الحق إلا بثبوت ذلك النسب فستحلف على دعوى النسب فقد ذكر الخصاف في «أدب القاضي» : إذا ادعى الرجل حجراً على رجل بأن التقط رجل لقيطاً فجاء رجل وقال للملتقط: هذا الصغير الذي التقطته أخي وأنا أحق به، وأنكر ذو اليد أنه أخوه، حلف ذو اليد على ذلك.
وكذلك إذا وهب رجل لرجل شيئاً، وأراد الواهب الرجوع في الهبة فقال الموهوب له: أنا أخوك ولا حق لك في الرجوع، وأنكر الواهب أخوته كان للموهوب له أن يحلفه؛ لأن المقصود إثبات ذلك الحق ثم في دعوى النسب مع المال في موضع لا يصح الإقرار بالنسب إذا جرى الاستحلاف، يستحلف على النسب أو على المال، ذكر في الأقضية أنه يستحلف على المال، وذكر الخصاف أنه يستحلف على النسب فإذا نكل يقضى بالمال ولا يقضى بالنسب.
وإن ادعى رجل على رجل إجارة ضيعة أو دار أو حانوت أو إجارة عبد أو دابة أو نحو ذلك مما يؤاجر، أو ادعى مزارعة أرض أو معاملة في النخل والشجر، أو ادعى عارية في عين أو وديعة وأنكر المدعى عليه ذلك حلفه القاضي على الحاصل، أما الوديعة