للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إنما استحلفه على العين والثمن والبيع وذلك لأنه يجوز أن يقر المدعى عليه بعدما حلف بالشراء، ويصح إقراره ثم يختلفان في المعقود عليه، فيقول المدعى قبله: اشتريت منك ثوباً أو داراً آخر، فيجب التحالف؛ لأنهما اختلفا في المعقود عليه والمعقود عليه قائم، والاختلاف في المعقود عليه حال قيامه يوجب التحالف، فمتى حلف على الثمن لا غير متى احتيج إلى التحالف يحتاج البائع إلى أن يحلف المدعى عليه ثانياً بالله ما اشتريت الدار التي يدعيه المدعى بالثمن الذي سماه.

وإذا حلفناه على البيع والعين والثمن الذي سماه فمتى وجب التحالف يحتاج أن يحلف البائع بالله ما بعت من هذا المشتري ما يدعيه البائع، فيكون في الاستحلاف على العين والثمن تقليل اليمين، وفي الاستحلاف على الثمن تكرير اليمين، فكان الاستحلاف على وجه فيه تقليل اليمين أولى،

ثم قال في «الكتاب» : وإن حلفه بالله ماله منها قليل ولا كثير جاز، والأولى أجود أما يجوز؛ لأن قوله بالله ماله منها قليل ولا كثير بما يتناول العين والثمن جميعاً؛ لأن قوله منها كناية عن العين والثمن إلا أن الأول أجود؛ لأن العين والثمن صارا مذكورين على سبيل الاقتصار، فكان ذكرهما على سبيل التصريح أجود، هذا إذا ادعى أنه كان باع وسلم ولم يقبض منه الثمن، وإن ادعى أنه باع ولم يسلم ولم يقبض منه الثمن قال: يحلفه القاضي بالله ما هذه الدار لك بهذا البيع الذي يدعي بهذا الثمن الذي سمى، فقد استحلفه على الحاصل وهذا جواب ظاهر الرواية، وإذا وجب الاستحلاف على الحاصل في ظاهر الرواية استحلفه على العين والثمن جميعاً، لما ذكرنا أنه يجوز أن يقر المدعى قبله بالشراء بعد ما حلف، فيصح إقراره إلا أنه يقول: ما اشتريت منك هذه الدار الأخرى، فيقع بينهما اختلاف المعقود عليه، فيجب التحالف فمتى لم يحلف المدعى قبله بالله ما هذه الدار لك بهذا البيع الذي يدعي بهذا الثمن الذي سمى يحتاج القاضي إلى أن يحلف المدعى قبله ثانياً، فيتكرر اليمين عليه، ومتى حلفناه على ذلك يحتاج إلى أن يحلف البائع لا غير، فكان تحليفه على البيع والعين وفيه تقليل اليمين أولى.

وإذا استصنع الرجل عند رجل قلنسوة أو خفاً، وجاء به العامل مفروغاً عنه، فقال الآمر: ليس هذا على المقدار الذي أمرتك به. وقال الصانع: هو كما أمرتني به، ذكر في كتاب الاستحلاف أنه لا يستحلف الصانع وهذا الجواب لا يشكل على قول من يقول بأن الاستصناع مواعدة وليست بمعاقدة وهو رواية الحسن عن أبي حنيفة رحمه الله؛ لأن الاستحلاف لا يجري في المواعيد، وأما على قول من يقول باب الاستصناع معاقدة فقد اختلفت عبارة المشايخ فيه، وأصح ما قيل: أن الاستصناع ينعقد إجارة ابتداء وبيعاً انتهاء متى سلم، ولكن قيل: التسليم فحال ما جاء الصانع به في المستصنع، واختلفا قبل التسليم إلى الآمر فهذا آجر ومستأجر اختلفا بعد انقضاء مدة الإجارة، وفي مسألة لا يجري (فيها) الاستحلاف على ما عرف.

وإذا قال لغيره: أخذك غلامي حتى كتبت لي بفلان حلف على حاصل الدعوى،

<<  <  ج: ص:  >  >>