وإذا أنكر الشاهد الشهادة فالقاضي لا يحلفه؛ لأنه لا فائدة في تحليفه.
في «فتاوى أبي الليث» رحمه الله: إذا قال المدعى عليه: إن الشاهد كاذب، وأراد تحليف المدعي بالله ما يعلم أنه كاذب، فالقاضي لا يحلفه إذا طعن المدعى عليه في الشاهد وقال: أين كواه بس إز كواهر بقوا هذه أست له أين محدود ملك منست وأراد تحليف الشاهد والمدعي على ذلك لا يحلف.
وكذلك إذا قال المدعى عليه: ابن شاهد ابن محدود يدعي به راد دعوى كريه أست برين بيس لزاين كواهي، وأراد أن يحلف الشاهد أو المدعي على ذلك لا يحلف.
قال أبو يوسف رحمه الله في رجل جاء بعبد آبق فأخذه السلطان فسجنه، فجاء رجل وأقام البينة أنه عبده فإن القاضي ينتصب خصماً له، ثم القاضي لا يقضي للمدعي ما لم يستحلفه بالله ما بعته ولا وهبته، ولا أذنت في بيعه وهبته وهذا عندهم جميعاً لأن الخصم عاجز عن طلب اليمين من المدعي على هذا الوجه بنفسه، وكان للقاضي أن يطلب ذلك من المدعي نظراً للغائب؛ لأن القاضي نصب ناظراً لمن عجز عن النظر لنفسه بنفسه، وقد نص على هذا في كتاب جعل الآبق.
قال مشايخنا رحمهم الله: والاحتياط أن يزاد على هذا حرف بالله ما بعته ولا وهبته ولا أذنت بهما، ولا هو خارج من ملكي للحال بجواز أن يكون باع ثم تملك وأذن ثم نهى، فمتى حلف على ذلك يمتنع عن اليمين، لأنه يحنث في يمينه فيقضى عليه فيتضرر به، والاحتياط أن يزاد في هذا ولا هو خارج عن ملكه للحال حتى إذا كان باع ثم تملك أو أذن ثم نهى لا يحنث إذا حلف؛ لأن شرط حنثه شيئان البيع والخروج عن ملكه للحال، ووجد أحدهما ولم يوجد الآخر وبأحد شطري الحنث، لا يثبت الحنث ثم ذكر في كتاب الاستحلاف أن المدعي إذا حلف فإن القاضي يدفع إليه، ولم يقل يأخذ منه كفيلاً أصلاً.
وذكر في كتاب جعل الآبق في رواية أبي سليمان وقال: ما أحب أن يأخذ منه كفيلاً، وقد ذكرنا هذا في كتاب جعل الآبق.
قال ولو أن رجلاً: أعار من رجل دابة أو أودعها إياه أو آجرها منه فهلكت في يده فجاء مدع وأقام البينة أنها كانت له، قال أبو يوسف رحمه الله لا يقضي له بشيء حتى يحلف بالله ما بعت ولا وهبت ولا أذنت فيها، ولا هي خارج عن ملكك للحال، قالوا وهذا يجب (١٠٢أ٤) أن يكون على قول أبي يوسف خاصة، فأما على قول أبي حنيفة ومحمد فإنه لا يستحلف المدعي بالله ما بعت حتى يطلب صاحب الدابة يمينه، وذلك لأن موضوع المسألة أن صاحب العبد حاضر بدليل أنه سمع خصومة المدعي، ولو كان غائباً لا يسمع خصومته؛ لأن اليمين لا ينتصب خصماً للمدعي إذا كان من يجعل بالخصومة عليه معلوماً، فحين سمع خصومة المدعي علمنا أنه إنما سمع لأن صاحب المال وهو المعير والمؤاجر حاضر، وإذا كان صاحب المال حاضراً أمكن لصاحب المال طلب اليمين من المدعي، ومهما أمكن للذي المال في يده طلب اليمين من المدعي، فإن