للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القاضي، بعد ذلك ينظر إن كان في ذكر الحد ذكر إلى دار فلان لا يكتب بحدودها؛ لأنه بين من جوز ذكر دار فلان في الحد اختلافاً أنه إذا كتب بحدودها هل تجوز الدعوى؟ وهل يصح المكتوب؟ بعضهم قالوا: لا يصح؛ لأن دار فلان تدخل في الدعوى، وقال علماؤنا: يصح ولا تدخل دار فلان في الدعوى؛ لأن الناس في عرفهم وعاداتهم لا يريدون به أن يكون دار فلان داخلاً في الدعوى، واعتبار العرف واجب وإن كان بين العلماء اختلاف على نحو ما قلنا.

والكتابة للتوثيق يجب أن يكون على أحوط الوجوه ليقع الأمن عن إبطاله، وإن كان في ذكر الحد لزيق دار فلان يكتب بحدودها إن شاء ويجوز بلا خلاف؛ لأنه لا يؤدي إلى أن تدخل دار فلان في الدعوى، ثم إذا كتب في الحد الزيق لا فرق بين أكثر جماعة من أهل الشروط أن يكتب لزيق دار فلان، وبين أن يكتب لزيق دار تنسب إلى فلان، كل ذلك جائز وقال بعضهم: ينبغي أن يكتب لزيق دار تنسب إلى فلان حتى أنها إذا لم تكن مملوكة لفلان لا يكون كاذباً فيه، وعامة مشايخنا جوزوا ذلك، لأن الإضافة بحكم الظاهر جائزة.

ألا ترى أن في الشهادة جوزنا الإضافة بالظاهر، وأكثر أحكام الشرع مبنية على الظواهر، ثم يكتب بحدودها كلها وحقوقها؛ لأن بدون ذكر الحدود والحقوق لا يدخل المسيل والطريق، فلا يفيده استحقاق الدار؛ لأنها تتعطل عليه، ولا يمكنه الانتفاع بها، ولا ينبغي أن يكتب وطريقها ومسيل مائها؛ لأنه لو كان باب الدار على طريق العامة يصير مدعياً ملكية ذلك الموضع لنفسه، وأنه لا يجوز، ثم يكتب ومرافقها التي هي لها من حقوقها، لأن الخلاف ظاهر في تفسير المرافق، فعلي قول أبي يوسف المرافق غير الحقوق وإنها عبارة عن منافع الدار، وفي ظاهر الرواية المرافق عبارة عن الحقوق، فكان الأحوط أن يكتب من حقوقها ليكون ذكراً للحقوق بالاتفاق، ثم يكتب وكل قليل وكثير هو فيها ومنها، هكذا ذكر محمد رحمه الله: في كتاب الشفعة، وذكر في موضع آخر: وكل قليل وكثير هو فيها ومنها، وهكذا ذكر في كتاب الوقف.

قال أبو زيد الشروطي رحمه الله: لا ينبغي أن يكتب أو لها بها للتشكيك، فكان المراد به أحد المذكورين، وباعتباره يصير المدعى به مجهولاً ولكن يقول كلمة أو يراد بها في مثل هذا الموضع الجمع لا التشكيك عرفاً، ومعناه: أن جميع الحقوق داخلة في الدعوى، قلت أو كثر يقال: وهبت لك ما في كيسي درهماً كان أو ديناراً، ثم يكتب في آخره من حقوقها؛ لأنه لو لم يذكر ذلك، ففي ظاهر الرواية إن كان هذا منصرفاً إلى ما كان من موانع الدار فعند أبي يوسف رحمه الله: يدخل فيه كل ما في الدار، مما يحتمل التملك حتى أن عند أبي يوسف: يدخل فيه جواري المدعى عليه اللاتي في الدار ومتاعه الموضوع فيها من حقوقها لينتفي به ما توهمه أبو يوسف، ثم يكتب: وكل حق لها داخل فيها وخارج منها، هكذا ذكر الطحاوي رحمه الله، وينبغي أن يكتب أرضها وبنائها سفلها وعلوها ولا يكتب سفله وعلوه، ثم العلو والسفل يدخلان في دعوى الدار من غير ذلك،

<<  <  ج: ص:  >  >>