للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من القاضي، بل هي شهادة على فعلهما.

وذكر ابن سماعة في «نوادره» عن أبي يوسف: إذا شهد شاهدان أن فلاناً أمرنا أن نبلغ فلاناً أنه قد وكله ببيع عبده وقد أعلمناه، أو أمرنا أن نبلغ امرأته أنه جعل أمرهَا في يدها وبمعناها، وقد طلقت نفسها جازت شهادتهما؛ لأنهما شهدا على فعل المرسل، فالرسول ينقل كلام المرسل فقد شهدا على فعل غيرهما، وقوله: فيقبل شهادتهما، وبمثله لو قالا: نشهد أنه قال لنا خيّرا امرأتي فخيرناها فاختارت نفسها، لا تقبل شهادتهما؛ لأنهما شهدا على فعل أنفسهما، وهو التخيير، فلا تقبل منهما، لأنه دعوى لا شهادة، بخلاف الأول، فإنهما شهدا على فعل المرسل على ما ذكرنا. وفيه أيضاً: إذا شهدا على فعل المرسل على ما ذكرنا.

وفيه أيضاً: إذا شهدا على رجل بمال أنه قبضه من آخر وهو ينكر، فشهدا على قبضه، وقالا: نحن وزناها عليه، قال إن كانا زعما أن ربّ المال كان حاضراً جازت شهادتهما، وإن لم يكن حاضراً عند الوزن لم تقبل شهادتهما، لأنه إذا كان حاضراً ينقل فعل الوزن إليه، فكان شاهداً على فعل غيره، فأما إذا كان غائباً تعذر إضافته إليه، فبقي الفعل مقصوراً عليه، فكان شاهداً على فعل نفسه، فلا تقبل شهادتهما، فالحاصل أن شهادة الإنسان على فعل نفسه لا تقبل إذا لم يكن ذلك الفعل منتقلاً إلى غيره سواء كان له منفعة في المشهود به أو لم يكن، فإذا كان فعله منقولاً إلى غيره تقبل شهادته عليه.

قال في «المنتقى» على طريق الاستشهاد: ألا ترى أنه لو وزن له الغريم ألف درهم ووضعها، وقال: خذها لك قد وفيتك، فقال المقضي له لرجل: ناولني هذه الدراهم فناوله، ثم شهدا على المقضي له أنه هو الذي دفع الدراهم إليه إن شهادته جائزة، وذكر هلال البصري في «الشروط» أنه لا تقبل شهادة الذي كال في المكيل، وتقبل شهادة الذي ذرع في المذروع.

ووجهه: أن الكيل من القبض؛ لأن للكيل أثراً في التعيين؛ لأن قدر المبيع إنما يعرف بالكيل، حتى لا يجوز البيع فيما سواه، ألا ترى أنه إذا اشترى صبرة حنطة على أنها كرّ، فوجدها كرين إن الزيادة لا تكون له بل تكون للبائع، والقبض لا يصح ولا يتم بدون التعيين والتقدير، فكان الكيل من جملة القبض، فكانت الشهادة على التعيين شهادة على فعل نفسه، وهو الكيل فلا تقبل، وأما الذرع لا يفيد التعيين والتقدير، ألا ترى أنه إذا اشترى أرضاً على أنها مائة ذراع، فوجدها مائتي ذراع إن الزيادة للمشتري أيضاً، فلم يكن الذرع من القبض في شيء، فكانت هذه شهادة على فعل غيرهما فقبلت.

وفي «المنتقى» رواية بشر عن أبي يوسف عن أبي حنيفة أن شهادة الكيالين باطلة.

ادعى على آخر أنه أقرضه كر حنطة، وشهد شاهدان بهذا اللفظ: أين كندم بخران ما آورد وماكد أكس بودنم، فقيل: لا تقبل هذه الشهادة؛ لأنهما يشهدان على فعل أنفسهما، وقيل: تقبل؛ لأنهما أضافا الفعل إلى المدعى عليه، حيث قالا: بخران ما آورد حتى لو قالا: ما آورديم بترديك دي بي دستوري دي، لا تقبل هذه الشهادة على قياس

<<  <  ج: ص:  >  >>