بغير أمري تقبل شهادة المستأجر، ولو لم يسكن المستأجر الشهر كله حتى ادعى المدعي الدار، فشهد به المستأجر ولم يدع المدعي أن الإجارة كانت بأمره لم تجز شهادة المستأجر.
وفيه أيضاً: رجل له دار وفيه سكان بغير أجر، فشهد السكان في الدار شهادة يثبتون الدار له، أو شهدوا بالدار عليه الأجر، فشهادتهم جائزة في قول أبي حنيفة وأبي يوسف، وإن كان هؤلاء السكان بأجر معلوم لشهور معلومة بأجر رخيص، أو بأجر عال، فشهدوا للذي أجر لتحقيق الإجارة أو شهدوا لإنسان عليه ليفسخوا الإجارة، فإن أبا حنيفة رحمه الله قال: جازت شهادتهما في الموضعين جميعاً، وشهادتهم في هذا كإقرار رب الدار أنها لفلان، وقال أبو يوسف رحمه الله: لا تقبل شهادتهم لا فيما يثبتونها ولا فيما ينقضونها.
رجل اشترى من آخر جارية، ثم جاء رجل وادعى أنه اشترى هذه الجارية من هذا المشتري، والمشتري يجحد ذلك، فشهد البائع ورجل آخر للمشتري بالشراء من المشتري لا تقبل شهادته، وكذلك لو ادعى المشتري أنه باعه من فلان وفلان يجحد، فشهد له البائع لم تقبل.
ولو أن رجلاً اشترى من آخر عبداً وبرء البائع عن عيوبه، فباعه المشتري من رجل آخر، ودلس العيب الذي به، فخاصم المشتري الآخر المشتري الأول فيه، فشهد البائع الأول ورجل آخر أن هذا العيب كان به عند البائع، قال: أقبل شهادة البائع الأول في رده على البائع الثاني ولا أقبل في تبرئته منه.
رجل له على رجل ألف درهم، فشهد الذي عليه المال ورجل آخر أن الطالب أقر أن هذا الألف لهذا الرجل والرجل يدعي ذلك لا تقبل شهادة الذي عليه المال، ذكره في «المنتقى» في موضع، وذكر في موضع آخر منه أنه لا تقبل شهادته إذا كان لم يؤده، فإن كان أداه تقبل.
ولو مات رجل وترك مالاً على رجلين وترك أخاً، فشهد الرجلان لغلام يدعي أنه ابن الميت أنه ابنه لا يعلم له وارثاً آخر غيره، أجزت شهادتهما، ولا يشبه هذا الدّين في المسألة الأولى من قبل أن الدين لم يثبت عليهما للأخ، ولم يجعله القاضي وارث الميت.
ولو أن رجلين اشتريا ثوباً من رجل ونقدا الثمن أو لم ينقدا، فجاء رجل وادعى أن الثوب له فشهد المشتريان له بالثوب، أو شهدا على إقرار البائع أن الثوب له لم تجز شهادتهما.
أما قبل نقد الثمن: أما إذا أجاز البيع، فلأنهما يريدان تحويل ما وجب عليهما للبائع من حيث الظاهر إلى غيره، ولهما فيه منفعة؛ لأن الناس يتفاوتون في المطالبة، وأما إذا لم يجز البيع، فلأنهما سعيا في نقض ما تم بهما.
وأما بعد نقد الثمن: أما إذا لم يجز البيع فلما قلنا، وأما إذا أجاز وقال: باع بأمري، فلأن الثمن الذي نقداه صار ملكاً للبائع بتمليكهما، فهما بهذه الشهادة يريدان نقض ذلك التمليك.