للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولو شهدوا على دار في يدي رجل أنها لفلان جد هذا الرجل المدعي وخطيه وقد أدركوا الجد، والمدعي يدعي أنها كانت لأمه فاعلم بأن ههنا فصلان:

أحدهما: إذا شهدوا أنها كانت لجد المدعي، وأنه على وجهين، الأول: إذا جروا الميراث بأن شهدوا أنها كانت لجد هذا المدعي فلان، مات الجد وتركها ميراثاً لهذا المدعي، وفي هذا الوجه تقبل الشهادة، ويقضي بالدار للمدعي.

الوجه الثاني: إذا لم يجروا الميراث بأن شهدوا أنها كانت لجد المدعي ولم يزيدوا على هذا، وفي هذا الوجه إن لم يعلم تقدم موت الجد على موت الأب لا يقضى بالدار للمدعي بالإجماع، وإن علم فكذلك الجواب عند أبي حنيفة ومحمد وأبي يوسف رحمهم الله أولاً، ثم رجع أبو يوسف وقال: يقضى بالدار للمدعي.

والاختلاف في هذا نظير الاختلاف فيما إذا شهدوا أنها كانت لأبيه، ولو شهدوا على إقرار ذي اليد أن هذه الدار كانت لجد المدعي ولم يجروا الميراث، فإن القاضي يقضي بالدار للمدعي إذا لم يكن له وارث آخر، كما لو شهدوا على إقرار ذي اليد أنها كانت لأبيه وبعض مشايخنا قالوا في مسألة الجد: لا تقبل الشهادة بلا خلاف.

الفصل الثاني: إذا شهدوا أن هذه الدار لجد هذا المدعي ولم يقولوا كانت لجده، فإن جروا الميراث تقبل الشهادة ويقضى بالدار للمدعي؛ لأن تفسير الجر أن يقولوا: هذه الدار لجده، مات الجد وتركها ميراثاً لأبيه، ثم مات أبوه وتركها ميراثاً لهذا المدعي، ومتى قالوا: مات الجد وتركها ميراثاً لأبيه فقد شهدوا بالملك لأبيه حال حياته، وصار من حيث المعنى كأنه قال: كانت لأبيه وجروا الميراث، فأما إذا لم يجروا الميراث فعلى قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله: لا تقبل الشهادة عند أبي حنيفة ومحمد فههنا أولى، وأما على قول أبي يوسف الآخر رحمه الله: فقد اختلف المشايخ فيه، بعضهم قالوا: تقبل هذه الشهادة؛ لأن معنى قول الشاهد: إنها لجده عرفاً وعادة أنها كانت لجده، ولو شهدوا أنها كانت لجده أليس أنه يقضى بها للمدعي عنده كذا ههنا، ومنهم من قال: لا تقبل الشهادة ولا يقضى بالدار للمدعي عنده أيضا.

والفرق: لأبي يوسف: بينما إذا شهدا أنها كانت لجد المدعي وبينما إذا شهدا أنها لجد المدعي، والفرق: أنهم إذا شهدوا أنها كانت لجد المدعي فقد أثبتوا الملك لجده حال حياته وهو من أهل الملك في حياته، فيثبت الملك للجد في حياته بهذه الشهادة، وما ثبت للجد ينتقل إلى المدعي ما لم يثبت الزوال من الجد قبل موته إلى غيره، وأما في هذه المسألة أثبتوا الملك للجد بعد الموت لأن قولهم: له عبارة عن الحال، وهو ميت في الحال، والميت ليس من أهل الملك فلم يثبت الملك للجد، فكيف ينتقل إلى المدعي؟.

وإن شهدوا أن الدار كانت لجد هذا المدعي مات الجد، وقد ترك أب هذا المدعي

<<  <  ج: ص:  >  >>