جهة صاحبه لأن كل واحد منهما أقام البينة على كل الدار، ولولا بينة صاحبه لما حرم من النصف فثبت أن كل واحد منهم صار مقضيا عليه في النصف من جهة صاحبه، وقد عرف أن من صار مقضياً عليه في شيء لا يسمع دعواه في عين ذلك الشيء، إلا أن يدعي تلقي الملك من جهة المقضي له ولم يوجد.
ولو أن القاضي زكى شهود الأجنبي بعد موت العم ولم يزك شهود ابن الأخ فقضى بالدار كلها للأجنبي، ثم زكيت بينة ابن الأخ لم يقض له بشيء وقد بطلت بينته؛ لأنه لما قضى بالدار كلها للأجنبي ولا يجوز القضاء بالدار كلها للأجنبي مع قيام ما يوجب القضاء بالنصف لابن الأخ فضمن القضاء بكل الدار للأجنبي إبطال شهود ابن الأخ، وللقاضي ولاية إبطال الشهادة إذا وجد دليل الإبطال، والقاضي متى رد شهادة إنسان في حادثة فإنه يتأيد الرد في تلك الحادثة فإن أعاد ابن الأخ شهوده على الأجنبي، فشهدوا أن الدار داره بسبب الإرث على ما ادعى، قضى بجميع الدار لابن الأخ لأنه لم يصر مقضياً عليه ببينه الأجنبي (١٣٢ب٤) لأن تلك البينة قامت على العم دون ابن الأخ، وهذا لا يشكل فيما إذا أقام ابن العم شهوداً آخرين، إنما يشكل فيما إذا أعاد تلك الشهود وإنما كان هكذا، وذلك لأن القاضي ما رد شهادتهم لتهمة الكذب، بل لضرورة القضاء للأجنبي، وما ثبت بطريق الضرورة لا يعمل وموضع الضرورة، فلم يصر محكومه يكذبها، ولأن المشهود عليه في المرة الثانية غير المشهود عليه في المرة الأولى في هذا لا يتأيد الرد، كفاسقين إذا شهدا وردت شهادتهم ثم تابا، وشهدا للمشهود له الأول في حادثة أخرى قبلت شهادتهما كذا ههنا، وإن أقام الأجنبي بعد هذا بينة أن الدار داره لم تقبل؛ لأنه صار مقضياً عليه ببينة الأخ فلا يقضى له فيما قضي به عليه، ولو زكى شهود ابن الأخ ولم يزك شهود الأجنبي فقضى بالدار لابن الأخ ثم زكى شهود الأجنبي بعد ذلك لم يلتفت إلى ذلك لما مر، ولو أعاد الأجنبي شهوده على ابن الأخ قضى بجميع الدار لما مر، فإن قال ابن الأخ: أنا أعيد شهودي، لم يلتفت إلى ذلك لأنه صار مقضياً عليه لما مر، ولو كان الأجنبي أقام البينة في حياة العم ولم يقم ابن الأخ حتى مات العم قبل تزكيته شهود الأجنبي، ثم أقام ابن الأخ البينة أنها دار ورثها من أبيه وزكيت البينتان جميعاً قضى بالدار
بينهما نصفان لما مر من الوجهين، ولو أن ابن الأخ لم يقم البينة على شيء حتى قضى بالدار للأجنبي، ثم ابن الأخ أقام على الأجنبي بينة أنها داره ورثها من أبيه قضى بالدار لابن الأخ؛ لأن ابن الأخ لم يصر مقضياً ببينة الأجنبي؛ لأن تلك البينة قامت على العم لا على ابن الأخ، ولو كان ابن الأخ هو الذي أقام البينة في حياة العم، ومات العم ثم أقام الأجنبي البينة فزكيت البينتان يقضى بالدار للأجنبي، فرق بين هذا وبينما إذا أقام الأجنبي البينة في حياة العم وأقام ابن الأخ البينة بعد موت العم حيث يقضى بالدار بينهما نصفان.
والفرق بينهما: إما على المعنى الأول فلأن إقامة الأجنبي البينة العادلة أو حيث شغل الدار بحق الأجنبي، وهذا يمنع جريان الإرث، فبقي ابن الأخ خارجاً كالأجنبي