بما ليس بحجة لا يجوز، لكن تركنا قصة هذا القياس وجوزنا القضاء بها وجعلنا شهادة الأصلين كالموجود في مجلس القضاء، وفي حق إيجاب الضمان بعد الرجوع يبقى على أصل القياس.
في «المنتقى» : إذا قال الفروع: لا نعرف المشهود عليه بالحق، قبلت شهادتهم نريد به إذا قال الفروع: أشهدنا الأصول على شهادتهم لفلان بن فلان على فلان بن فلان بكذا، إلا أنا لا نعرف فلان بن فلان المشهود عليه بكذا وكذا، فالقاضي يقبل الشهادة ويأمر المدعي أن يقيم بينة أن الذي أحضره فلان بن فلان هذا هو الكلام في الشهادة على الشهادة وأما الشهادة على الشهادة، فقد ذكر محمد رحمه الله في «الجامع» مسألة تدل على أنها مقبولة.
وصورة تلك المسألة: رجل ادعى على رجل ألف درهم وجاء بشهود ثلاثة شهد واحد منهم على شهادة شاهدين، على شهادة ثلاثة نفر أنهم شهدوا على إقرار المدعى عليه بألف درهم وشهد من الثلاثة على شهادة أحد الشاهدين بعينه على شهادة الثلاثة الذين هم شهدوا على إقرار المدعى عليه بالألف وشهدوا وشهد واحد آخر من الثلاثة الذين هم أصول بعينه، فالقاضي يقطع بهذه الشهادة حقاً، واعلم بأن هذه المسألة من المسائل التي ظهرت الرواية فيها ظهرت الثلاثة، وإنما تظهر الرواية فيها لو سمينا الأصول الثلاثة على أصل الحق وسمينا الفرعين الذي يشهدان على شهادة الأصول الثلاثة على أصل الحق، فنقول أسماء الأصول الثلاثة: عبد الله ومحمد وصالح، واسم الفرعين اللذين يشهدان على شهادة الأصول الثلاثة زيد وعمرو، وحضر مجلس الحكم ثلاثة، شهد واحد من الذين حضروا مجلس الحكم على شهادة زيد بعينه على شهادة محمد وعبد الله وصالح، فثبت بشهادتهما شهادة زيد، فكأن زيداً وهو أحد الفرعين حضر نفسه وشهد على شهادة محمد وعبد الله وصالح، فإذا شهد واحد من الثلاثة الذين حضروا مجلس الحكم على شهادة واحد من الأصول بعينه وهو صالح مثلاً، فقد ثبت شهادة صالح؛ لأنه شهد على شهادته اثنان زيد والذي يشهد على شهادته من الذين حضروا مجلس الحكم أما لم يثبت شهادة محمد وعبد الله؛ لأنه لم يشهد على شهادتهما شاهد واحد وهو أحد الفرعين زيد، فلم يثبت بهذه الشهادة من شهادة الأصول إلا شهادة واحد وهو صالح، وبشهادة الواحد لا يقطع الحكم، فلا يقضي القاضي للمدعي بشيء ما لم يحضر محمد وعبد الله مجلس الحكم، وشهد بنفسه أو شهد شاهد آخر على شهادة عمرو وهو أحد الفرعين على شهادة الأصول الثلاثة لتثبت شهادة عمرو بشهادة شاهدين ويصير كأن عمراً بنفسه حضر مجلس الحكم وشهد على شهادة محمد وعبد الله وصالح، فتثبت شهادة محمد وعبد الله وصالح بشهادة شاهدين وهما زيد وعمرو، فهذه الثلاثة تدل على أن الشهادة على