للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المسلم، بيان إمكان القضاء في حق الكافر: أن يقضي بالملك للمدعي بسبب جديد من جهة المدعى عليه، وهذا لأن الشهود وإن شهدوا بالملك المطلق إلا أن الملك المطلق يحتمل الملك الحادث، فيحتمل أن الشهود عاينوا بسبب الملك فيما بينهما، لكن لم يذكر السبب في شهادتهما، فيحمل على هذا الوجه، تصحيحاً للشهادة بقدر الممكن، ولهما أن هذه شهادة كافر قامت على كافر ومسلم، وتعذر القضاء بها في حق الكافر، فلا تقبل أصلاً قياساً على ما لو شهد كافران لكافر على كافر، أن القاضي قضى لهذا على هذا بكذا، فإنه لا تقبل هذه الشهادة أصلاً، وإنها لا تقبل لما قلنا. وبيان تعذر القضاء بها في حق الكافر: أن الشهود شهدوا بالملك المطلق للمدعي والشهادة بالملك المطلق شهادة بالملك من الأصل؛ ألا ترى أنه يستحق العين بزوائده المتصلة والمنفصلة جميعاً، ولا يمكن القضاء بالملك في حق المشتري من الأصل إلا بالقضاء بالملك من الأصل في حق البائع؛ لأنه ما بقي الملك للبائع لا يكون الملك لهذا المدعي من الأصل فإن قيل الشهادة بالملك المطلق إنما تكون شهادة بالملك من الأصل إذا كانت الشهادة (١٣٦أ٤) حجة للقضاء بالملك من الأصل، كشهادة المسلمين أما إذا لم يكن حجة للقضاء بالملك من الأصل يجعل شهادة بالملك الحادث بسبب حادث من جهة المدعى عليه، ألا ترى أن الإقرار بالملك المطلق جعل إقراراً بملك حادث، وإن كان الإقرار إخباراً في موضوعه حتى صح بالحق.

والجواب: أن الإقرار يخالف الشهادة، لأن الإقرار بالملك المطلق فيما يقبل النقل من ملك إلى ملك جعل إقراراً بملك جديد من حيث الحكم كأن المقر قال: هذا لفلان؛ لأني ممكنه منه، ولهذا لا يستحق المقر له المقر به بالزوائد المتصلة والمنفصلة، ولا يكون للمقر الرجوع على بائعه، ولو أن المقر نصّ على ملك جديد للمقر له بسبب جديد من جهة يتعذر القضاء بالملك من الأصل من حيث الحكم كأن الشهود قالوا: هذا ملك هذا المدعي من الأصل حتى يستحق العين بالزوائد المتصلة والمنفصلة ويرجع المستحق عليه على بائعه بالثمن، ولو نص الشهود على هذا يتعذر القضاء بالملك الجديد بالسبب الجديد من جهة المستحق عليه، فكذا إذا جعل في الحكم هكذا إذا مات الكافر وترك اثنين وترك ألفي درهم فاقتسماهما بينهما، ثم أسلم أحدهما ثم جاء كافر وادعى لنفسه ديناً على الميت، وأقام على ذلك شاهدين كافرين، قال في «الكتاب» : أجزت ذلك في حصة الكافر خاصة؛ لأن شهادة الكافر حجة في حق الكافر دون المسلم، فثبت الدين بهذه الشهادة في حق استحقاق نصيب الكافر وإبطال يده عليه، لا في حق استحقاق نصيب المسلم وإبطال يده عليه، إذا مات الكافر وجاء مسلم وكافر وادعى كل واحد منهما ديناً، وأقام كل واحد منهما بينة من أهل الكفر، قال في «الكتاب» أجزت بينة المسلم وأعطيت حقه فإن بقي شيء كان للكافر، وروى الحسن بن زياد وعن أبي حنيفة أن التركة تقسم بينهما على مقدار دينهما؛ لأن كل واحد منهما يثبت دينه على الميت، وما أقام كل واحد منهما حجة على الميت، وجه ظاهر الرواية: أن دين الكافر ثبت في حق

<<  <  ج: ص:  >  >>