للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من اشتراه منه حتى يعيد البينة عليه، وهذا إشارة إلى أن ما ذكرنا من الفرق، أن القضاء بالملك المطلق للمستحق قضاء على جميع الباعة، فاستغنى عن إعادة البينة؛ لأن تلك البينة قائمة (١٣٨أ٤) عليه لأنها قامت على من انتصب خصماً منه وهو المشتري بخلاف مسألة العيب، لأن البينة على العيب قائمة على البائع دون بائع البائع؛ لأنه لا يتعدى حكمه إليه للحال كما ذكرنا.

والذي يوضح الفرق أن القضاء بالملك، لما كان قضاء بالملك من الأصل لابد وأن يكون البائع المسلم مقضياً عليه بشهادة الكفار وإنه لا يجوز، وأما شهادة الشهود على أن هذا العيب كان عند البائع المسلم، شهادة أنه كان في يد البائع الكافر الذي اشتراه من المسلم، لأنهم شهدوا ببقاء ذلك العيب إلى هذا الوقت، فقد شهدوا بقيام العيب عند البائع النصراني وشهادتهم حجة عليه، فقبلت وثبت قيام هذا العيب في يده وشهدوا أيضاً بإسناد عيب إلى زمان سابق، وهو حال ما كان في يد المسلم وشهادتهم ليست بحجة عليه، فيثبت قدر ما أمكن إثباته بشهادتهم، وهو كون العيب موجوداً في يد الكافر دون المسلم، وإنه غير مستحيل، ليكون عملاً بقدر الدليل.

قال ابن سماعة: سمعت محمداً رحمه الله يقول في المسلم قطع يد النصراني عمداً، وادعى القاطع أنه يعني القاطع عبد لنصراني، وادعى المقطوعة يده أنه حر، فأقام رجل وامرأتين من المسلمين على أنه أعتقه مولاه منذ سنة، قال: أجعله حراً وأقتص منه وهذا لأنه ادعى لنفسه حق استيفاء القصاص من القاطع، ولا يمكنه ذلك إلا بإثبات حرية القاطع، فالقصاص في الأطراف لا يجري بين العبيد ولا بين العبد والحر، وإذا كان لا يمكنه إثبات القصاص إلا بإثبات العتق صار خصماً في حق إثبات العتق، فهذه بينة قامت على خصم فقبلت.

وكذلك العبد لا يمكنه دفع القصاص إلا بإنكار العتق فانتصب خصماً عن مولاه في إنكار العتق، فقامت هذه البينة على خصم فقبلت هذه البينة.

ثم الثابت بهذه البينة في صورة جريان القصاص فكان كاللإحصان في باب الرجم، وأنه يثبت بشهادة رجل وامرأتين عندنا كذا هذا.

وإن أقام المقطوعة يده شاهدين نصرانيين أن مولاه اأعتقه عند شهر وأراد أن يقتص له، فإنه يعتق بهذه الشهادة ولا أقتص من القاطع المسلم بشهادة النصرانيين؛ لأن هذه الشهادة حجة على المولى النصراني، فثبت العتق في حقه بهذه الشهادة، وليست بحجة على القاطع، فلم يظهر العتق في حقه لاستيفاء القصاص منه، وقالوا: ينبغي أن يكون القضاء بالعتق في هذه الصورة قولهما؛ لا قول أبي حنيفة رحمه الله فإن أبا حنيفة رحمه الله، لا يرى قبول الشهادة على عتق العبد بدون دعواه، ولم يوجد هاهنا دعوى العبد فإنه منكر لذلك.

قال: ألا ترى لو أن مسلماً قال: إن طلق فلان النصراني امرأته فعبدي حر فشهد نصرانيان أن فلاناً طلق امرأته بعد هذا القول أني أطلق امرأة النصراني، ولا أعتق عبد

<<  <  ج: ص:  >  >>