حين أجاب المدعي عن دعواه فقد صدقه أن المدعي بهذه الحدود، فيصير بدعوى الخطأ بعد ذلك في الحدود كلاً أو بعضاً متناقضاً.
أو يقول: تفسير دعوى الغلط في أحد الحدود، أن يقول المدعى عليه: أحد الحدود ليس ما ذكره الشهود، أو يقول: صاحب أحد الحدود ليس بهذا الاسم الذي ذكره الشهود، وكل ذلك نفي والشهادة على النفي لا تقبل.
وكذلك لو ادعى المدعى عليه إقرار المدعي بغلط الشاهد في الحد لا يسمع دعواه، وحكي عن الشيخ الإمام شمس الأئمة السرخسي رحمه الله أنه قال: إذا أخطأ الشاهد في بعض الحد، ثم تدارك وأعاد الشهادة وأصاب ذلك، قبلت شهادته عند إمكان التوفيق، سواء تدارك في ذلك المجلس أو في مجلس آخر وتفسير إمكان التوفيق، أنه قال: كان صاحب الحد فلان إلا أنه باع داره من فلان ونحن ما علمنا به، أو يقول: كان اسم صاحب الحد ما قلنا، إلا أنه سمي بعد ذلك بهذا الاسم ونحن ما علمنا وعلى هذا فافهم، هذا إذا ترك الشاهد أحد الحدود أو غلط، وأما إذا ترك المدعي أحد الحدود أو غلط فيه، فهو على نحو ما ذكرنا في الشاهد.
وإذا ادعى المدعى عليه أن المدعي أخطأ في أحد الحدود وكان ذلك بعدما قضي على المدعى عليه بنكوله أو ببينته لا تصح دعواه لوجهين.
أحدهما: ما ذكرنا في فصل الشاهد: أن المدعى عليه في دعوى الغلط بعدما أجاب المدعي عن دعواه متناقض.
والثاني: أن دعواه الخطأ في الحدود ليس فيه أكثر من إنكاره أن المحدود المدعى في يده، أو أن المحدود الذي يدعي ليس ملك ولا يندفع عنه دعوى المدعي من هذين الوجهين، وإن أقام على ذلك بينة كذا هاهنا.
إذا قال القاضي لمدعي العقار: هل تعرف حدود المدعى؟ قال: لا، ثم أعاد الدعوى وذكر الحدود لا يسمع دعواه، ولو قال: لا أعرف أسماء أصحاب الحدود يعني الجيران، ثم أعاد الدعوى وذكر أسماءهم يسمع دعواهم.
ولو أنه قال: لا أعرف الحدود ثم ذكر الحدود بعد ذلك وقال: عنيت بقولي لا أعرف الحدود، ولا أعرف أصحاب الحدود، قبل ذلك منه وسمع دعواه ثانياً إذا ذكر في الدعوى أو الشهادة أحد حدود الأرض المدعى لزيق أرض فلان، ولفلان في القرية التي فيها الأرض المدعى أراض كثيرة مختلفة متفرقة، صحت الدعوى وصحت الشهادة، وإن كان فيه نوع جهالة إلا أنها تحملت لضرورة، فإنه عسى لا تكون لأرض فلان علامة لكن يعرفها بتلك العلامة، وهذا هو الغالب من حال الأراضي في القرى، فيتعين للتعريف ذكر اسم صاحبه، ألا ترى أنه إذا ذكر في اسم صاحب الحد بناء محمد بن أحمد بن محمد فذلك يكفي وإن كان فيه نوع جهالة؛ لأن كثيراً من الناس يكونون بهذا الاسم والنسب، وقد تحمل ذلك لمكان الضرورة؟ فكذا هاهنا.
ولو ذكر في الحدود كنية صاحب الحد أبو فلان أو ذكر ابن فلان، فذلك لا يكفي