للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منه وتم به لا في نقضه، وإنما ادعى ملك الثمن بسبب جديد لا يناقض الأول، وكذلك إذا ساومه، ثم ادعى بعد ذلك.

رجل في يديه طيلسان جاء رجل وادعى أن صاحب اليد باع الطيلسان منه بمئة دينار ونقده الثمن، وأقام على ذلك شاهدين، فشهدا أن صاحب اليد باع هذا الطيلسان من هذا المدعي، وقضى القاضي بشهادتهما أو لم يقض حتى أقام الشاهدان بينة أن هذا الطيلسان لأبيهما يوم شهدا وأنه مات وتركه ميراثاً لهما، فالقاضي لا يسمع ذلك منهما ولا يقبل شهادتهم؛ لأنهما حين شهدا بالبيع على صاحب اليد فقد أقرا بالملك له على رواية «الجامع» وبولاية البيع على رواية «الزيادات» ، فصارا بهذه الدعوى متناقضين ساعيين في نقض ما أوجبا وإتمام البيع، وكذلك لو ادعياه لغيرهما بالوكالة عنه لم تصح دعواهما، لأن المتناقض كما يصحح الدعوى لنفسه يمنع الدعوى لغيره، عرف ذلك في كتاب الدعوى ولو استحق الطيلسان يستحق غيرهما وقضى القاضي له به، ثم وصل إلى يديهما لم يؤمرا بالتسليم إلى ذلك البائع، أما على رواية «الزيادات» فلأن الشهادة على البيع ليست بإقرار بالملك للبائع، وعلى رواية «الجامع» وإن كان إقراراً ولكن في ضمن الشهادة، وقد بطلت شهادتهما حين قضى القاضي بالطيلسان للمستحق، فيبطل ما ثبت في ضمن الشهادة من الإقرار، ولا يؤمران بالتسليم إلى المشتري أيضاً، وإن كانت الشهادة بالبيع شهادة بالملك للمشتري ولكن في ضمن البيع وقد بطل البيع بقضاء القاضي بالطيلسان للمستحق، فبطل ما ثبت في ضمنه من الشهادة بالملك للمشتري.p

ولو أن الشاهدين بينا للقاضي يوم الشهادة على البيع، فقالا: هذا الطيلسان لنا، أو قالا: لأبينا أو قالا: لفلان وقد باع هذا من هذا، ثم إنهما أقاما البينة أن الطيلسان لنا ورثناه من أبينا أو من فلان الذي أقرا له، وقالا: فلان وكلنا بالخصومة، صح ذلك منهما لأن معنى التناقض ههنا قد انعدم؛ لأنهما لما بينا ذلك عند الشهادة لم يشهدا بالملك للبائع ولا اعترفا بصحة البيع فصحت دعواهما وقبلت شهادتهما.

ولو أن الشاهدين لم يبينا للقاضي شيئاً ولم يشهدا عند القاضي بالبيع، ولكن قالا للقاضي قولاً من غير شهادة: إن هذا باع الطيلسان من هذا، ثم أقاما البينة على أن ذلك لهما وعلى شيء مما وصفا، سمع بينتهما بخلاف ما إذا شهدا عند القاضي.

والفرق: وهو أن الشهادة بالبيع مطلقاً تنصرف إلى بيع صحيح موجب الملك للمشتري، لأن الشهادة حجة موجبة للقضاء، والقاضي إنما يقضي ببيع صحيح موجب الملك للمشتري، والشهادة بصحة البيع وبالملك للمشتري يمنع الدعوى لنفسه لمكان التناقض عل ما مر، أما مجرد القول من غير أن يكون شهادة لا ينصرف إلى بيع صحيح لا محالة يحتمل أن يكون إخباراً عن البيع الصحيح، ويحتمل أن يكون لشكنا أن هذا الشخص باع مالنا أو مال أبينا وماله، وذلك وعلى هذا التقدير لا يثبت التناقض، فلا يمنع الدعوى بالشك والاحتمال.

والهبة والصدقة مع القبض بمنزلة البيع حتى لو شهدا على الهبة أو الصدقة مع

<<  <  ج: ص:  >  >>