رواية «الزيادات» ، فبعد ذلك إن كان المشتري معترفاً بالشراء كانت الشهادة الأولى، وهي الشهادة على الشراء ماضية وكان الثمن لهما، وإن كان جاحداً للشراء كانت الشهادة الأولى باطلة على نحو ما بينا، ولو كانت الشهادة الأولى للأخ والباقي بحاله، فالشهادة الأولى ماضية على كل حال على نحو ما بينا.
الأخوان إذا زوجا أختهما وهي صغيرة ثم أدركت فشهدا أنها اختارت نفسها لا تقبل شهادتهم، ولو كانت أمة بين رجلين ولها زوج أعتقاها ثم شهدا أنها اختارت نفسها قبلت شهادتهما.
في كتاب «العيون» شهد اثنان أن زوج فلانة قد مات أو قتل، وشهد اثنان أنه حي فالشهادة على الموت والقتل أولى (١٥٧ب٤) في «وصايا عصام» المشهود عليه إذا أقام أولئك الشهود لحق نفسه، فإن كان قال: إنهم كاذبون فيما شهدوا عليّ فقد فسقهم، لا تقبل شهادتهم له، وإن لم يرد على الإمكان قبلت شهادتهم له.
إذا غاب الشاهدان أو ماتا بعد القضاء قبل الإمضاء ففيما إذا قامت الشهادة على المال أو (على) ما هو نظير المال مما يثبت مع الشبهات كالنكاح والطلاق لا يمنع القضاء؛ وفيما إذا قامت الشهادة على الحد، إن كان الحد رجماً لا يستوفى عندنا، وإن كان قطعاً أو جلداً لا يقطع ولا يجلد عند أبي حنيفة أولاً، ثم رجع وقال: يقطع ويجلد وهو قولهما، وفيما إذا قامت الشهادة على القصاص، القياس على قول لأبي حنيفة الأول في الحدود: أن لا يستوفى، وفي الاستحسان: يستوفى.
وإن غابا أو ماتا قبل القضاء، فالجواب فيه كالجواب فيما إذا غابا أو ماتا بعد القضاء قبل الاستيفاء، حتى إن في المال ونظائره القاضي يقضي وفي الحد إن كان رجماً لا يقضي وإن كان جلداً أو قطعاً، فكذلك عند أبي حنيفة أولاً، وفي قوله الآخر وهو قولهما: يقضي، وفي القصاص القياس على قوله الأول في الحدود أن لا يقضي، وفي الاستحسان: يقضي.
وإن فسقا أو عميا أو ارتدا أو ذهب عقولهما وكان ذلك بعد القضاء قبل الإمضاء، ففي المال ونظائره يقضي، وفي الحدود لا يقضي، وفي القصاص يقضي قياساً، وإن كان ذلك قبل القضاء، فالقاضي لا يقضي في الفصول كلها فيما عدا العمى بلا خلاف، وفي العمى عند أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله، وقد مرّت مسألة الأعمى قبل هذا.
قد ذكرنا في كتاب «أدب القاضي» أن الجرح المفرد يثبت باختيار المزكين ولا يثبت بالشهادة حتى إن المشهود عليه إذا (جاء) بشهود يشهدون بالجرح المفرد عند القاضي، فالقاضي لا يقبل شهادتهم، ولو جاء المشهود عليه بالمزكين حتى شهدوا بالجرح المفرد عند القاضي، لا ذكر لهذه المسألة في شيء من الكتب، وذكر شيخ الإسلام في شرح كتاب «العلل» أن القاضي لا يقبل شهادتهم؛ وعلل فقال: لأن لهم بد من إظهار هذه الفاحشة بأن يخبروا القاضي سراً، فإذا أظهروها صاروا فسقة، فلا تقبل شهادتهم لهذا تجوز الشهادة على الشهادة.