للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التزما، أما على العبارة الثانية لأنهما لا يقضيان ما فاتهما مع الإمام حتى يجعل الإمام الموجود حالة الأداء، كالموجود حالة القضاء تقديراً؛ لأنهما لم يدركا ما يقضيان مع الإمام، بل هما منفردان في الأداء إذا قاما إلى القضاء، ولهذا كانت عليهما القراءة والسهو، وكان الشيخ الإمام أبو عبد الله..... يقول: أصحابنا جعلوا المسبوق فيما يقضي كالمنفرد إلا في ثلاث مسائل.

إحداها: أنه إذا قام إلى قضاء ما سبق به فجاء إنسان واقتدى به لا يصح اقتداؤه، ولو كان كالمنفرد يصح اقتداؤه، كما لو كان منفرداً حقيقة.

الثانية: إذا قام إلى قضاء ما سبق به فكبّر ونوى استئناف تلك الصلاة وقطعها يصير مسابقاً وقاطعاً، ولو كان كالمنفرد لما صار مسابقاً وقاطعاً، كما لو كان منفرداً حقيقة.

الثالثة: إذا قام إلى قضاء ما سبق وعلى الإمام سجدتا السهو فعليه أن يتابعه ولو لم يتابعه حتى فرغ من صلاته كان عليه أن يسجد سجدتي السهو، ولو كان كالمنفرد لكان لما تلزمه سجدتا السهو، بسهو سهاه الإمام.

ثم إن محمداً رحمه الله وضع المسألة في «الكتاب» : فيما إذا تحاذيا بعد العود وفرق بين المدركين وبين المسبوقين، ولم يذكر إذا تحاذيا في الطريق، قال مشايخنا: ينبغي أن لا تفسد صلاة الرجل استحساناً سواء كانا مدركين أو مسبوقين؛ لأنهما غير مؤدين للصلاة أو مسبوقين؛ لأنهما غير مؤدين للصلاة إذ لو جعلا مؤدين للصلاة حصل الأداء مع الحدث، وفي أماكن مختلفة، وكل ذلك مانع من الأداء والمحاذاة إنما أوجبت فساد صلاة الرجل لتركه فرضاً من فروض القيام وذلك مختص بحالة الأداء، وحكي عن الشيخ الزاهد أبي الحسن علي بن محمد البزدوي رحمه الله أن القهقهة في هذه الحالة لا تكون حدثاً استحساناً، ولكن تقطع الصلاة، والله أعلم.

(فصل) في الحث على الجماعة

الجماعة سنّة لا يجوز لأحد التأخر عنها إلا بعذر، والأصل فيه قوله عليه السلام: «لقد هممت أن آمر رجلاً يصلي بالناس وأنظر إلى أقوام تخلفوا عن الجماعة فأحرق بيوتهم» ، ومثل هذا الوعيد إنما يلحق تارك الواجب أو تارك السنّة المؤكدة، والجماعة ليست بواجبة فعلم أنها سنّة مؤكدة؛ ولأنها من أعلام الدين، فكان إقامتها هدى وتركها ضلالة إلا من عذر؛ لأن العذر أثراً في إسقاط الفرائض وفي إسقاط السنن أولى.

وقد ذكرنا في باب الأذان أن أهل بلدة لو اجتمعوا على ترك الصلاة بجماعة إنا نضربهم ولا نعاملهم، والأعمى إذا وجد قائداً يقوده إلى الجمعة لا يجب عليه الجمعة عند أبي حنيفة، خلافاً لهما، وقال محمد: لا يجب على المقود ومقطوع اليد والرجل من

<<  <  ج: ص:  >  >>