للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

امرأة مرتدة ادعت على رجل أنه تزوجها في حال إسلامها على ألفي درهم، ودخل بها وطلقها، ثم كانت الردة، وأنكر الزوج ذلك كله، ومهر مثلها ألف، فشهد لها شاهدان بالنكاح بألفي درهم، وقضى القاضي بشهادتهم، وشهد آخران على الدخول والطلاق أمس، وأنها ارتدت اليوم، وقضى القاضي بشهادتهم، ثم رجعوا جميعاً عن شهادتهم، فشهود النكاح لا يضمنون للزوج شيئاً؛ لأن الشهود إنما يضمنون عند الرجوع ما قضى القاضي بشهادتهم، والقاضي ما قضى بشيء من المهر على الزوج بشهادة شهود النكاح؛ لأنه قارن القضاء بالمهر ما يمنع القضاء به: وهو ردة المرأة قبل الدخول إذ الدخول لم يكن ثابتاً وقت القضاء بشهادة شهود النكاح؛ لأنه قارن القضاء بالمهر ما يمنع القضاء به.

ولهذا (لو) قلنا: لو عاين القاضي النكاح مع التسمية ثم عاين ارتدادها قبل الدخول لم يقض على الزوج بشيء من المهر، فعلم أن القاضي لم يقض بالمهر بشهادة شهود النكاح، فلا يضمنون ذلك.

بخلاف ما إذا لم ترتد المرأة والمسألة بحالها حيث يضمن شهود النكاح للزوج، لأن هناك وقع القضاء بشهادتهم بالمسمى إذ المانع وهو الردة لم يقارن القضاء ثمة، فضمنوا ما زاد على مهر المثل وهو ألف درهم، أما ههنا بخلافه.

قال: وشهود الدخول والطلاق يضمنون للزوج ألفي درهم؛ لأن القاضي إنما يقضي بألفي درهم بشهادتهم؛ لأنه لم يقارن القضاء بالمهر بشهادتهم ما يمنع القضاء به؛ لأن ردة المرأة بعد الدخول لا تنافي المهر؛ فصاروا مثبتين على الزوج ألف درهم، أو مذكرين ذلك عليه بغير عوض، فيضمنون ذلك له عند الزوج.

ولو وقع القضاء بالشهادتين جميعاً فهذا وما لو وقع القضاء بشهادة شهود النكاح أولاً سواء، لأن شهود النكاح يجعل متقدماً، وشهود الدخول يجعل متأخراً كما هو الأصل إلا إذا وجد دليل مغير ولم يوجد.

ولو قضى القاضي بشهادة شهود الدخول أولاً، ثم قضى بشهادة شهود النكاح، ثم رجعوا جميعاً عن شهادتهم ضمن شهود الدخول بمهر مثلها، لأن حال ما قضى القاضي بشهادتهما التسمية لم تكن ثابتة، والدخول في نكاح لا تسمية فيه يوجب مهر المثل، فحصل للقاضي بشهادتهم مقدار مهر المثل لا غير، فعند الرجوع لا يضمنون إلا ذلك القدر، ويضمن شهود النكاح ألفاً أخرى وهو الألف الزائد على مهر المثل، لأن القاضي إنما يقضي بالألفين بشهادتهم، لأنه حين قضى بشهادتهم كان الدخول مقضياً به، فردة المرأة بعد الدخول لا تنافي الصداق، فحصل القضاء بشهادتهم بالألفين، ألف من ذلك حصل بعوض وهو منافع البضع فلا يجب ضمانه وألف من ذلك بغير عوض، فيجب ضمانه، بخلاف ما لو قضى القاضي بشهادة شهود النكاح لكن لم يقع القضاء بالمهر بشهادتهم وإنما وقع القضاء به بشهادة شهود الدخول والطلاق، أما ههنا بخلافه ولا يرجع أحد الفريقين على الآخر لما قلنا من قبل.

<<  <  ج: ص:  >  >>