للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مضطراً في تضمين الأول فكان بمنزلة ما لم يعلم بغصب الثاني إلا أنه ... إنسان أن يضمن الأول، ولو كان كذلك لكان له أن يفسخ تضمينه ويتبع الثاني فكذلك هذا.

ولو أن الشاهدين حين رجعا عند القاضي لم يجبر القاضي المولى ولكن المولى جعل يتقاضى المكاتب حتى قبض منه مئة درهم، أو لم يقبضها برئ الشاهدان عن الضمان؛ لأن الشاهدين في حق المولى بمنزلة الغاصب، والمكاتب بمنزلة غاصب الغاصب على ما بينا، والمغصوب منه متى اختار تضمين أحدهما برئ الآخر عن الضمان، علم بوجوب الضمان على الآخر أو لم يعلم، فإنه إذا ضمن الأول وكان غصب منه آخر ولم يعلم بغصب الثاني برئ الثاني عن الضمان، فكذلك هنا إذا اختار تضمين المكاتب برأ الشاهدان عن الضمان علم بوجوب الضمان على الشاهدين بأن علم برجوعهما أو لم يعلم.

قال ما خلا خصلة واحدة وهو أن يكون المكاتبة أقل من القيمة، بأن كانت المكاتبة ألفاً والقيمة ألفين، متى اتبع المكاتب بالمكاتبة كان له أن يرجع على الشاهدين بالفضل على المكاتبة إلى تمام قيمته؛ لأنهما أزالا هذا القدر عن ملك المولى بغير رضاه وبغير عوض فيضمنان (١٦٣أ٤) ذلك للمولي متى رجعا، وكان بمنزلة ما لو شهد شاهدان أنه باع عبده من فلان، وقيمته ألف وخمسمئة أو أقل، والبائع يجحد، واختار البائع اتباع المشتري بخمسمئة أخرى؛ لأنهما أزالا هذا القدر عن ملكه بغير عوض. فإن قيل: هلا جعل اتباعه المكاتب أو المشتري إجازة منه لكتابه والبيع من حيث أن الكتابة والبيع حصلت بغير رضى المالك، وإذا اختار اتباع المكاتب أو المشتري يجعل كأنه أجازها والإجازة بمنزلة إنشاء الكتابة، ولو أنشأ الكتابة والبيع بخمسمئة وقيمته ألف لم يكن له على أحد ضمان فكذلك هذا.

والدليل عليه أن محمداً قال: فيما إذا كانت قيمة المكاتب أقل من بدل الكتابة واختار اتباع المكاتب أن هذا اختيار منه لمكاتبه والجواب عنه أن يقال: بأن اختيار اتباع المكاتب أو المشتري لو اعتبرت إجازة للعقد فإنما يعتبر إجازة من حيث الدلالة، فإنه لم يصرح بالإجازة فلا تزيد درجتها على درجة الصريح، وصريح الإجازة مما لا يبرئ الشاهد عن ضمان الزيادة؛ لأن الإجازة من المالك لغو لأن العقد نافذ بقضاء القاضي، وإجازة النافذ لغو ... ، فصار وجود هذه الزيادة وعدمه بمنزلة، ولو عد الإجازة لم يبرأ الشاهد عن ضمان ما أتلف عليه من الزيادة بغير عوض فكذلك هذا، أو ما قال قبل هذا أن اتباعه المكاتب اختيار للمكاتبة لم يرد به إجازة للكتابة لأنها نافذة، وإنما أراد به اختيار البدل الكتابة بأن له على المكاتب بدل الكتابة بالعقد، وعلى الشاهدين ضمان قيمته بإزالة اليد، فإذا اختار اتباع المكاتب فقد اختار بدل الكتابة، فإنما أراد بقوله: اختياراً للمكاتبة، أي اختيار لبدل الكتابة.

<<  <  ج: ص:  >  >>