للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشهود جميعاً عن شهادتهم فالولدان ابنا المولى والجاريتان أمي ولد له لما مر أن رجوع الشهود لا يعتبر في حق المشهود عليه، وإنما يعتبر في حق (١٦٤ب٤) الشاهدين بإيجاب الضمان عليهما، والمسألة في حق حكم الضمان على وجوه، فإن كانت الشهادة والرجوع عنها حال حياة المولى، فإن كان الولدان كثيرين ضمن كل فريق من الشهود قيمة الولد الذي شهد بنسبه ونقصان الاستيلاد في الأمة التي شهد لها للمولى، لأن في زعم كل فريق عند الرجوع أنه أتلف على المولى الولد الذي شهد بنسبه، وأتلف من الجارية التي شهد لها قدر ما انتقص بسبب أمومية الولد للحال بغير حق، وزعم كل إنسان حجة في حقه.

فإن قيل: ينبغي على قياس قول أبي حنيفة أن يضمن كل فريق من الشهود جميع قيمة الجارية عنده حتى لا يضمن بالغصب.

قلنا: ما بقي بعد الاستيلاد وهو الاستفراش ينتفع في حق المولى، وإن لم يكن مالاً متقوماً ومع بقاء بعض المنفعة على ملك المولى لا يمكن إيجاب جميع القيمة للمولى، فأوجبنا النقصان لهذه الضرورة، ثم إذا أخذ المولى ذلك القدر من الشهود استهلكه، ومات ولا وارث له غير الابنين، وكل واحد من الابنين يجحد أن يكون صاحبه ابن المولى، كانت أمواله ميراثاً بين الابنين، وعتقت الجاريتان، وضمن كل فريق من الابنين قيمة ما بقي من الجارية التي شهدوا لها، لأنهم صاروا متلفين لما بقي عند موت المولى بالشهادة السابقة بغير حق، ويكون ذلك للمولى ميراثاً عند الابنين إلا أن كل ابن يصير مسرياً لشهوده عن حصته من ذلك، لأنه يقول: شاهدي صادق في الشهادة كاذب في الرجوع، ولا ضمان عليه، وقول كل إنسان حجة في حقه، وليس بحجة في حق صاحبه، فبقي نصيب كل ابن على الشهود الذين لم يشهدوا له، وذكر في «الأصل» أن كل فريق من الشهود يضمن نصف قيمة ما بقي من الجارية التي شهدوا لها للابن الآخر، ولا تفاوت بينهما، فما ذكر في «الجامع» إشارة إلى أصل الوجوب وما ذكر في «الأصل» إشارة إلى الحاصل، ولا يضمن كل فريق من الشهود قيمة الولد الذي شهدوا له؛ لأنهم قد ضمنوا ذلك مرة فلا يضمنون ذلك مرة أخرى، قال: ويرجع كل فريق من الشهود على الولد الذي شهدوا له بيما ورث عن أبيه بما ضمنهم أبوه من قيمة الولد الذي شهدوا له، ومن نقصان الاستيلاد في أمه؛ لأن في زعم كل ابن أن ما أخذه أبوه من شهوده أخذه بغير حق؛ لأنهم صادقون في الشهادة كاذبون في الرجوع، وصار ذلك ديناً في تركته، والدين مقدم على الميراث، وزعم كل إنسان معتبر في حقه، وكان ينبغي أن لا يرجع كل فريق من الشهود في نصيب الابن الذي شهدوا له بشيء؛ لأن الابن وإن أقر لهم بذلك إلا أنهم ردوا إقراره حين رجعوا، فإنهم بالرجوع اعترفوا أن ما أخذه الميت منهم استوفى زماناً واجباً عليهم، والإقرار يزيد بالرد، قلنا: إن مشايخ بلخ

قالوا ما ذكر محمد رحمه الله في «الكتاب» مؤول.

وتأويله: أن الشهود رجعوا عن الرجوع فقالوا صدقنا في الشهادة وكذبنا في

<<  <  ج: ص:  >  >>