روينا من حديث ولدي أم سلمة وحديث أبي سعيد الخدري وحديث أبي ذر وحديث أبي الدرداء رضي الله عنهم والأمر بالدرء في هذه الأحاديث بطريق الرخصة، والإباحة، كالأمر بقتل الأسودين في الصلاة.
واختلف المشايخ في كيفية الدرأ منهم من قال: يدرء بالإشارة لحديث ولدي أم سلمة على ما روينا، ومنهم من قال يدرء بالتسبيح؛ لأن هذه نائبة وقعت للمصلي، وقد قال عليه السلام:«إذا وقعت لأحدكم نائبة في الصلاة فليسبح» ، وذكر في «الأصل» إذا سبح وأشار بإصبعه ليصرفه عن نفسه لم تقطع صلاته، وأحب إليّ أن لا تفعل.
اختلف المشايخ في معنى قوله أحب إليّ أن لا تفعل، قال بعضهم: لأنه جمع بين الإشارة والتسبيح، وكان يكفي أحدهما، وقال بعضهم: لأنه نسخ والنص ورد بالإشارة، وقال بعضهم يحتمل أن يكون معناه أن ترك الإشارة والتسبيح للدرأ أولى؛ لأن الكراهية في المرور ثابتة من غيره وهذا ثابت بفعله، وفعل النبي عليه السلام محمول على الابتداء حين كان يجوز إدخال ما ليس من الصلاة في الصلاة، ثم أشار أو سبح أو جمع بينهما ولم يمتنع المار عن المرور، لا يزيد على ذلك، ولا يشتمل بالمعالجة، هذا هو مذهب علمائنا رحمهم الله، ومن العلماء من أطلق للمصلي أن يأخذ ببعض ثيابه أو ببعض ببدنه، فيدرأ لظاهر قوله عليه السلام:«وادرؤوا ما استطعتم» ، ومن العلماء من أطلق أن يضربه ضرباً، وجعلوا أن يقابله، فإن النبي عليه السلام قال في آخر حديث أبي سعيد الخدري «ادرؤوا ما استطعتم فإن أبى فليقاتله فإنه شيطان» ، وعندنا لا يزيد على الإشارة والحديث محمول على الابتداء حين كان العمل في الصلاة مباحاً.
الثالث: أن المرور بين يدي المصلي مكروه والمار آثم، لما روي عن رسول الله عليه السلام أنه قال:«لو علم المار بين يدي المصلي ما عليه لوقف أربعين، قال أبو أيوب لا أدري أراد بقوله أربعين، أربعين عاماً أو شهراً أو يوماً» .
الرابع: في مقدار ما يجب أن يكون بين يدي المصلي وبين المار حتى لا يكره المرور، وهذا فصل لا ذكر له في «الأصل» وقد اختلف المشايخ فيه، بعضهم: قالوا خمسون ذراعاً، وبعضهم قالوا: موضع صلاته وهو موضع قدمه إلى سجوده، وقال الفقيه أبو جعفر رحمه الله: إذا مر في موضع يقع بصر المصلي عليه وبصره إلى موضع سجوده، فذلك مكروه، وما زاد على ذلك فليس بمكروه.
وقال الفقيه أبو القاسم الصفار: إذا كان بينه وبين المار مقدار ما بين صف الأول إلى حائط القبلة فمر وراءه لم يضره، وهذا إذا كان في الصحراء أو لم يكن له سترة، فإن