للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شهادتهم ولا ضمان على شهود الأخ أيضاً لما قلنا في شهود العم، وضمن شهود الابن للأخ ما أخذ الابن؛ لأنهم أتلفوا ذلك على الأخ، وذلك غير مستحق بشهادة غيرهم، فلهذا كان عليهم الضمان.

وكذلك لو جاء الشهود جميعاً، إلى القاضي يشهدون على ما وصفنا قبل القاضي شهادتهم، وقضى بها؛ لأنه أمكن القضاء بالدعاوى كلها لعدم المنافاة وقد قامت الحجة على الكل، فيجب القضاء بالكل، ثم إذا قضى القاضي بشهادة الكل ورجعوا جميعاً عن شهادتهم، كان الجواب فيه كالجواب فيما إذا شهدوا على (....) ، فلا يضمن شهود العم ولا شهود الأخ، ويضمن شهود ابن الأخ ما أخذ الابن.

حكى الجصَّاص عن الشيخ الإمام أبي الحسن الكرخي رحمه الله أن ما ذكر محمد رحمه الله من الجواب في هذه المسألة أن شهود الابن يضمنون للأخ ما ورثه الابن على الإطلاق غير سديد؛ لأن الشهود متى عدلوا جملة لا يتمكن القاضي من القضاء بالعمومة والأخوة؛ لأنه قارن القضاء بها ما يمنع القضاء بها، وهو قيام البينة العادلة على البنوة؛ لأنها تمنع القضاء بالميراث لهما؛ لأنهما لا يرثان مع الابن، فإذا امتنع القضاء بالميراث امتنع القضاء بالأخوة والعمومة؛ لأن القضاء بالأخوة والعمومة من غير استحقاق ميراث أو نفقة لا يجوز، كما لو تجردت دعوى الأخوة والعمومة عن دعوى المال.

وإذا لم يقض القاضي بالأخوة والعمومة فشهود الابن ما أتلفوا على الأخ شيئاً، فلا يضمنون بخلاف الفصل الأول؛ لأن هناك القضاء للأخ والعم قد صح؛ لأنه لم يقرن بالقضاء بهما ما يمنع القضاء بهما، أما ههنا فبخلافه.

قال: إلا أن تكون تأويل المسألة أن يكون الأخ أعاد البينة بعد رجوع شاهدي الابن حتى تثبت أخوّته بما أقام من البينة ثانياً؛ لأنه أمكن للقاضي القضاء بالأخوة في هذه الصورة؛ لأن شهود الابن راجعون عن شهادتهم وقت أقامة الأخ البينة في المرة الثانية.

أو يكون تأويل المسألة: أن الشهود شهدوا جميعاً إلا أن القاضي قضى للعم أولاً لظهور عدالة شهوده، ثم للأخ ثم للابن، فإن في هذه الصورة ينفذ قضاؤه، وإن كان سبيله أن لا يقضي حتى تظهر عدالة شهود الابن أو جرحهم، فأما إذا عدلوا معاً، فلا يصح ما ذكر من الجواب، والى هذا الطعن مال عامة مشايخنا وبعض مشايخنا صححوا المذكور في الكتاب وقالوا: شرط صحة دعوى الأخوة والعمومة والقضاء بهما دعوى حق لسببه لا استحقاق دعوى لسببه لا محالة، وكل واحد منهما ادعى حقاً بما ادعى من الأخوة والعمومة؛ لأن وقت دعواهما البنوة التي يثبت بها حرمان الأخ والعم غير ثابتة، فكان كل واحد منهما مدعى لنفسه حقاً بما ادعى من الأخوة والعمومة، فيقضي القاضي بأخوته وعمومته لوجود شرطه وإن لم يقض له بالمال لتقدم غيره عليه، ألا ترى أنه يقضى بأخوته وعمومته، فإن كان في التركة ديناً محيطاً وهو نظير من يدعي الشفعة بالجوار ويثبت جواره

<<  <  ج: ص:  >  >>