للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ببينة شهدوا على المدعى عليه أنه قطع يد ولي المدعي خطأ، ولم يشهدوا أنه مات منها، وجاء بشاهدين آخرين شهدا أنه مات من اليد، ولم يشهدا على القاطع بالقطع، فإن القاضي يقضي بدية المقتول على عاقلة القاتل، وإذا قضى بذلك ثم رجع الشهود على قاطع اليد خاصة، فإنهما يضمنان جميع الدية؛ لأنهما شهدا على الجناية نفسها، فإن قضى القاضي عليها بذلك ثم رجع اللذان شهدا أنه مات منها، فإن شهود قطع اليد يرجعون عليهم؛ لأنهم يقولون شهدنا على اليد وما شهدنا على النفس، وإنما صارت اليد نفساً علينا بشهادتكم، قلنا: أن يرجع بالدية عليكم.

وكذلك لو أن رجلاً ادعى على رجل أنه قطع أصبعاً منه من المفصل خطأً، وأن كفّه شلت منها وأنكر المدعى عليه ذلك، فجاء المدعي بشاهدين شهدا أنه قطع إصبعه من المفصل خطأ، ولم يشهدا على الشلل وجاء بشاهدين آخرين شهدا أن كفه شلت منها، فإن القاضي يقضي على عاقلة القاطع بدية الكف، فإن قضى بذلك ثم رجع الشاهدان اللذان شهدا على قطع الأصبع، فإنهما يضمنان جميع أرش الكف، فإن ضمنا ذلك ثم رجع اللذان شهدا على شلل الكف، فإن شاهدي القطع يرجعان على شاهدي شلل الكف، بجميع أرش الكف، إلا أرش الأصبع (١٧٢ب٤) فيكون الأصبع على اللذين شهداً بالضربة خاصة وهذا بمنزلة الأمة وولدها.

وفي «نوادر ابن سماعة» عن أبي يوسف: إذا شهد شاهدان على عبد في يدي رجل لرجل وقضى القاضي بشهادتهما، ثم إن المشهود عليه اشترى العبد من المشهود له بمئة دينار، ثم رجع الشهود عن الشهادة، فالمشهود عليه يرجع على الشهود بالمئة إذا لم يصدقهما أن شهادتهما حق بعد أن رجعا عن الشهادة، وهذا لأن المشهود عليه لما اشتراه من المدعي فقد أقر أن الشهود شهدوا عليه بحق، فالشهود بالرجوع أكذبوا أنفسهم وزعموا أنهم ضامنون قيمة العبد، فإذا لم يصدقهما أن شهادتهما بحق، بل قال: شهدتما بباطل، فقد صدقهما فيما زعم، فرجع عليهما بمئة لهذا.

وعنه أيضاً شاهدان شهدا على رجل أنه عبد فلان وهو يزعم أنه حر، وقضى القاضي به للمدعي، ثم إن المدعي كاتب العبد على مال معلوم وأداه إليه ثم رجع الشاهدان عن شهادتهما، قال: أضمنهما ما كاتبه المولى عليه إلا إذا ازداد المكاتبة على الدية فحينئذٍ لا ضمان عليهما في الزيادة على الدية.

وإذا شهد شاهدان لرجل بعبد في يدي رجل والمشهود عليه يجحد ذلك، وقضى القاضي بشهادتهما ثم رجعا عن شهادتهما، وضمنهما القاضي القيمة فأدياها أو لم يؤديا حتى وهب المشهود له العبد للمشهود عليه، وقبضه المشهود عليه فقد برء الشاهدان عن الضمان، وإن كانا قد أديا الضمان رجعا على المشهود عليه بذلك؛ لأنه وصل إلى المشهود عليه بزعم المشهود عليه والشاهدين عين العبد الذي أزاله الشاهدان عن يده بحكم قديم ملكه لا بالهبة؛ لأن في زعمهم أن العبد لم يصر ملكا للمشهود له بقضاء القاضي، بل بقي على ملك المشهود عليه؛ لأن القاضي إنما قضى بالملك مرسلاً،

<<  <  ج: ص:  >  >>