قالوا وينبغي أن يذكر صفته أنه جيد أو وسط أو رديء، فاعلم بأن هذه الدعوى إن كان بسبب البيع، فلا حاجة إلى ذكر الصفة إذا كان في البلد نقد واحد ظاهر معروف؛ لأن مطلق البيع ينصرف إلى نقد البلد ويصير ذلك كالملفوظ في الدعوى، فلا يشترط البيان إلا إذا كان قد مضى من وقت البيع إلى وقت الخصومة زمان طويل، بحيث لا يعلم نقد البلد في ذلك الوقت فحينئذ لابد من بيان أن نقد البلد في ذلك الوقت كيف كان، وبيان صفته بحيث تقع المعرفة من كل وجه.
وإن كان في البلد نقود مختلفة والكل في الرواج على السواء ولا صرف للبعض على البعض، يجوز البيع ويعطي المشتري للبائع أيَّ النقدين شاء، إلا أن في الدعوى لابد من تعيين أحدهما، وإن كان الكل في الرواج على السواء، وللبعض صرف على البعض كما كانت الغطريفية والعدلية في ديارنا، قيل: هذا لا يجوز البيع إلا بعد بيانه، وكذا لا تصح الدعوى من غير بيانه.
وإن كان أحد النقدين أروج والآخر أفضل، فالعقد جائز وينصرف إلى الإرواج، ويصير ذلك كالملفوظ في الدعوى، فلا حاجة إلى البيان إلا إذا كان قد مضى زمان طويل من وقت العقد إلى وقت الخصومة، بحيث لا يعلم الأروج وقت العقد على نحو ما بينا قبل هذا.
وإن كان هذا الدعوى بسبب القرض والاستهلاك، فلابد من بيان الصفة على كل حال؛ وعند ذكر النيسابوري أو البخاري لا حاجة إلى ذكر الأحمر؛ لأن النيسابوري لا يكون إلا أحمر وكذلك البخاري لا يكون إلا حمراء، ولابد من ذكر الجيد عليه عامة المشايخ؛ لأن ذكر النيسابوري لا يثبت ذكر الجيد؛ لأن النيسابوري ما يكون مضروباً في نيسابور أو ما يكون عليه سكة نيسابوري، وما يكون مضروباً في نيسابور أو يكون عليه سكة نيسابور قد يكون جيداً وقد لا يكون، وفي «فتاوى النسفي» : إذا ذكر أحمر خالص ولم يذكر الجيد كفاه.
ولا بد من ذكره أنه ضرب أي وال عند بعض المشايخ؛ لأن في مضروب الولاة تفاوت، وبعض مشايخنا لم يشترطوا ذلك وإنه أوسع، والأول وإن ذكر كذا ديناراً نيسابورياً مسقدة وفارسية سره كرده، ولم يذكر الجيد، فقد اختلف المشايخ فيه، قال بعضهم: لابد من ذكر الجيد مع ذلك، لأن المسقدة قد تكون جيدة وقد تكون رديئة، وقال بعضهم: لا حاجة إلى ذكر الجيد مع ذلك وهو الصحيح. ولو ذكر الجيد ولم يذكر المسقدة، فالدعوى صحيحة، لأن الجيد لابد وأن يكون مسقداً، فأما المنتقد قد يكون جيداً وقد يكون رديئاً.
وإن لم يكن الذهب مضروباً لا يذكر في الدعوى كذا ديناراً، وإنما يذكر كذا مثقالاً، فإن كان خالصاً من الغش يذكر ذلك، وإن كان فيه غش يذكر ذلك نحو الده نوهي أو الده هشتي أو ما أشبه ذلك، وإن كان المدعى به نقده وكان مضروباً ذكر نوعها وهو ما يضاف إليها وصفتها أنها جيدة أو وسطة أو رديئة، ويذكر قدرها أنه كذا درهماً وزن