للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أو ادعى أنه أعاره منه أو أودعه منه، فإنه يقضي بالعين بينهما؛ لاستوائهما في الدعوى والحجة، وإن ادعى أحدهما فعلاً على صاحبه مما ذكرنا وصاحبه ادعى الملك لا غير يقضى ببينته..... ببينة مدعي الفعل؛ لأن بينته أكثر إثباتاً، والدار إذا كانت في يدي رجلين يجعل في يد كل واحد منهما نصف الدار؛ لاستوائهما في اليد على الدار، ثم يجعل كل نصف من الدار بمنزلة دار على حدة؛ لأن حكم كل نصف يخالف حكم النصف الآخر؛ لأن كل واحد منهما خارج فيما في يد صاحبه يد فيما في يده، وحكم الخارج يخالف حكم ذي اليد في الدعوى وإقامة البينة.

جئنا إلى المسائل، قال محمد رحمه الله في «الجامع» :

وإذا كانت الدار في يدي رجلين أقام كل واحد منهما بينة أن الدار له، وأقام أجنبي بينة أن الدار له، فإن للرجل الأجنبي نصفها ولكل واحد من صاحبي اليد ربعها؛ لأن في يد كل واحد من صاحبي اليد نصف الدار، وكل نصف بمنزلة دار على حدة، فيسمى أحد صاحبي اليد أكبر، ويسمى الآخر أصغر تسهيلاً للتخريج، فنقول: في يد الأصغر نصف الدار، تنازع فيه الأصغر والأكبر والأجنبي، وأقاموا البينة، وبينة الأصغر فيه مقبولة لكونه صاحب يد فيه، فخرج هو من البين، بقي بينة الأجنبي والأكبر، وهما مقبولتان لكونهما خارجين من هذا النصف وقد استويا في الدعوى؛ لأن كل واحد يدعي جميعه، واستويا في الحجة، فيقضي بذلك بينهما، وفي يد الأكبر نصف الدار أيضاً تنازع فيه الأكبر والأصغر والأجنبي وبينة الأكبر غير مقبولة فيه وبينة الأصغر والأجنبي مقبولتان، فيقضى بذلك النصف بين الأجنبي والأصغر، فحصل للأجنبي نصف كل واحد من النصفين، فكان له النصف كملاً، وحصل لكل واحد من صاحبي اليد نصف النصف الذي في يد صاحبه، فكان لكل واحد ربع الدار.

ولو أن الأجنبي ادعى على أحد صاحبي اليد بعينه أنه غصب هذه الدار منه، وباقي المسألة بحاله، كان ثلاثة أرباع الدار للأجنبي، وربعها للذي لم يدع عليه الغصب، وخرج المدعى عليه الغصب من البين، حتى لو كان دعوى الغصب على الأكبر لا يكون للأكبر شيء من الدار، ويكون للأجنبي ثلاثة أرباع الدار، وإنما كان كذلك لأن النصف الذي في يد الأكبر، بينة الأكبر فيه غير مقبولة، وبينة الأصغر والأجنبي فيه مقبولتان وقد استويا في الدعوى، وكذلك استويا في الحجة، لأن كل واحد منهما يدعيه ملكاً مطلقاً من غير دعوى الفعل على صاحبه، فيقضي بذلك بينهما، وأما النصف الذي في يد الأصغر فبينة الأصغر فيه غير مقبولة، وكذلك بينة الأكبر فيه غير مقبولة؛ لأن الأكبر مع الأجنبي خارجان في ذلك النصف، وقد ادعى الأجنبي على الأكبر فيه فعلاً وهو الغصب، وفي مثل هذا تقبل بينة مدعي الفعل، ولا تقبل بينة مدعى عليه الفعل، فيقضي بهذا النصف للأجنبي بكماله وقد أصابه نصف النصف الآخر، فصار له ثلاثة أرباع الدار من هذا الوجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>