للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما إذا كان المبيع في يد الثالث إن كان الثمنان على السواء يقضى بينهما نصفان، سواء شهدوا بالعقد والقبض أو بالعقد دون القبض، لأنه تعذر القضاء بالعقدين؛ لأنه إنما يمكن القضاء بالعقدين إذا أمكن تقديم أحدهما على الآخر، وههنا التقديم إنما يثبت إما بالقبض المعاين، أو بأن يكون في تقديم بعض البيوع تصحيح جميع العقود، وفي تقديم البعض إفساد، فيقدم ما فيه تصحيح الكل؛ إذ الأصل في تصرف العاقل أن يحمل على وجه الصحيح.

قلنا: وكل ذلك معدوم ههنا؛ لأنه ليس لأحدهما قبض معاين، وأي العقدين قدمنا إذا كان الثمنان من جنس واحد، يجوز إذا شهد الشهود بالعقد والقبض؛ لأن كل واحد منهما يصير بائعاً ما اشترى من صاحبه بعد القبض قبل نقد الثمن بمثل الثمن وإنه جائز، وإذا تعذر التقديم وجب القضاء بالمبيع بينهما نصفان، إلا أنهم متى شهدوا بالعقد دون القبض، فإنه يقضى لكل واحد منهما على صاحبه بنصف الثمن، لأن كل واحد منهما إنما سلم نصف المبيع، فلا يستحق إلا نصف الثمن، ومتى شهدوا بهما، فإنه يقضي لكل واحد منهما على صاحبه بجميع الثمن؛ لأنه يثبت بالبينة العادلة أن كل واحد منهما سلم جميع المبيع إلى صاحبه، فيستحق جميع الثمن، وإن كان أحد الثمنين أنقص من الآخر إن لم يشهدوا بالقبض فإنما يجوز بيع كل واحد منهما في النصف؛ لأن كل واحد منهما إنما قدر على تسليم نصف المبيع لا غير.

وإن شهدوا بالعقد والقبض فإنه يقضى بالعقدين؛ لأنه إن تعذر تقديم أحدهما على الآخر من حيث القبض المعاين، أمكن من حيث أنّا إذا قدمنا شراء الذي اشترى بخمسمئة يصح شراء الآخر منه بعد ذلك؛ لأنه يصير مشترياً بالشراء من صاحبه بعد القبض بأكثر من الثمن الأول قبل نقد الثمن، وإنه جائز، فيجوز العقدان، والمعنى لأبي حنيفة وأبي يوسف أنه لم يثبت أحد الشرائين بعينه على الآخر؛ لأن الشهود لم يشهدوا بذلك، ولا يجوز أن يثبت السبق بالقبض، إنما يثبت ذلك إذا ادعيا الشراء من واحد، قلنا إذا ادعياه من اثنين لا يثبت السبق بالقبض، بل يقضى بالعين بينهما نصفين، وههنا ادعى كل واحد منهما الشراء من رجل غير الذي ادعاه صاحبه، فلا يثبت الشراء بالقبض ولا يجوز إثبات سبق شراء ذي اليد تخيرنا لجواز الشراءين؛ لأن التقديم بهذا الاعتبار إنما يثبت من حيث الظاهر، والظاهر يصلح حجة للدفع، ولا يثبت حجة للاستحقاق، وإذا تعذر إثبات الشراءين تتهاتر البينتان، وكذلك إذا شهدوا بالشراء والقبض تتهاير البينتان أيضاً؛ لأن تقديم شراء الخارج ههنا لو ثبت إنما ثبت بنوع من الظاهر على ما قال، والظاهر يصلح حجة للدفع، ولا يصلح حجة للاستحقاق، وإذا تعذر التقديم يتعذر القضاء بهما، فتتهاتر البينتان (١٨٠أ٤) ضرورة.

وهذا إذا لم يؤرخا، فإن أرخ أحدهما ولم يؤرخ الآخر، فكذلك الجواب.

وإن أرخا وتاريخ أحدهما أسبق إن كان أسبقهما تاريخاً الخارج وقد شهدوا بالقبض مع الشراء، قضي بالعقدين، ويقضى بالدار لآخرهما تاريخاً، وهو صاحب اليد. وإن

<<  <  ج: ص:  >  >>