للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بيانه: أن العبد ادعى تلقي الملك في نفسه من جهة مولاه بالإعتاق والآخر ادعى تلقي الملك في العبد من جهة مولاه أيضاً بالشراء غير أن العبد بالإعتاق يصير قابضاً نفسه؛ لأنه يقع في يد نفسه، فالشهادة على العتق تكون شهادة على الملك والقبض جميعاً، والمشتري بنفس الشراء لا يصير قابضاً فالشهادة على الشراء لا تكون شهادة على القبض، فهو معنى قولنا: ادعيا تلقي الملك من جهة الثالث ولأحدهما قبض مشهود كما في دعوى الشراء (١٨٢أ٤) من ثالث إذا كان لأحد المدعيين قبضاً مشهوداً به، بأن شهد شهود أحد المدعيين بالشراء والقبض، وشهد شهود الآخر بالشراء دون القبض.

قال: فإن كان المشتري قبض العبد فبينة المشتري أولى؛ لأن المشتري له قبض معاين، والعبد له قبض مشهود به، وليس له قبض معاين، وهذا لأن العبد إنما يصير قابضاً نفسه بالإعتاق، والإعتاق مشهود به، فكان قبض العبد مشهوداً به، وللقبض المعاين رجحان على القبض المشهود به، ألا ترى أن في دعوى الشراء من ثالث إذا كان لأحد المتداعيين قبضاً معايناً وللآخر قبضاً مشهوداً به يترجح من له القبض المعاين كذا ههنا.

والمعنى في ذلك: أن الذي له قبض معاين قبضه ثابت حقيقة، وما يدعيه الآخر إن كان مقدماً يجب نقض هذه الحقيقة، وإن كان متأخراً لا يجب نقضها فلا يجب نقضها بالشك والاحتمال، والجواب فيما إذا كان العبد ادعى التدبير نظير الجواب فيما إذا ادعى العتق إن لم يكن المشتري قبض العبد، فبينة العبد أولى، وإن كان قبض العبد فبينته أولى.

ولو ادعت أمة أنها ولدت من مولاها وأقامت على ذلك بينة، وأقام رجل آخر بينة أنه اشتراها من مولاها، فبينة الأمة أولى سواء كانت في قبض المشتري أو لم يكن في قبضه، أما إذا لم يكن في قبض المشتري؛ فلأن دعوة الاستيلاد ودعوة التدبير سواء، وبينة التدبير أولى إذا لم يكن للمشتري قبض معاين، فكذا بينة الاستيلاد، وإما إذا كان في قبض المشتري فكذلك، وكان ينبغي أن تكون بينة المشتري أولى؛ لأن له قبض معاين وقع الشك في نقضه إن كان علوق هذا الولد قبل الشراء فإن جاءت بالولد لأقل من ستة أشهر من وقت الشراء يجب نقض قبضه، وإن كان علوق هذا الولد بعد الشراء إن جاءت بالولد لأكثر من ستة أشهر من وقت الشراء لا يجب نقضه، فلا يجب نقضه بالشك، فصار كما في دعوى التدبير.

والجواب عن هذا أن يقال: بأن دعوى العتق والتدبير إنما لا ينقض قبض المشتري لأن قبضه ثابت حقيقة، وقع الشك في نقضه إذا لم يعرف التاريخ؛ لأنه إذا لم يعرف التاريخ يحتمل أن العتق والتدبير لاحقان، وعلى هذا التقدير لا ينقض قبض المشتري، فلا ينقض قبضه بالشك وفي دعوى الاستيلاد لو نقضنا قبض المشتري نقضناه بيقين لا بالشك.

بيانه: أن دعوة البائع قد ثبتت بالبينة إلا أنه يحتمل أن تكون دعوته قبل البيع وعلى

<<  <  ج: ص:  >  >>