يعارضها بينة الملك المطلق، ويرجع محمد بالثمن على إبراهيم في هذه الصورة؛ لأن محمداً صار مقضياً عليه بهذا القضاء، ولو لم يستحق الجارية أحد ولكن أقامت الجارية البينة على عبد الله أنها حرة الأصل، وقضى القاضي بحريتها رجع محمد بالثمن على إبراهيم؛ لأن القضاء بالحرية، وبما ألحق بها قضاء على الناس كافة فصار محمد مقضياً عليه بذلك، وثبت الاستحقاق عليه، ولهذا لو أقام محمد البينة على الملك والشراء من إبراهيم لا تقبل بينته ولا يقضى له، ولو لم يثبت الاستحقاق عليه لثبت بنيَّة استحقاق المبيع على المشتري؛ بسبب سابق على الشراء يوجب الرجوع على البائع بالثمن.
وكذلك لو أقامت البينة على عبد الله أنها كانت أمته أعتقها وقضى القاضي بذلك رجع محمد بالثمن على إبراهيم؛ لأن دعوى الملك ههنا ليس بمقصود، وإنما المقصود دعوى العتق ودعوى الملك لكونه وسيلة إلى العتق، ولما كان المقصود دعوى العتق، وليس بعض الأوقات للقضاء فيه بالعتق بأولى من البعض، لما أنها لم تعين وقتاً في الدعوى كان هذا والقضاء بحرية الأصل سواء.
وكذلك لو أقامت البينة على عبد الله أنها كانت أمته دبرها أو استولدها، كان الجواب كما قلنا، لأن الثابت بالتدبير والاستيلاد حق العتق، فيكون ملحقاً بحقيقة العتق، ولهذا لا يحتمل النقض والفسخ، فصار دعوى الاستيلاد والتدبير كدعوى حقيقة العتق، وهذا إذا أقامت البينة على الإعتاق والتدبير والاستيلاد من غير تاريخ.
فأما إذا أرخت إن أقامت البينة على أن عبد الله ملكها منذ سنة، وأعتقها أو دبرها أو استولدها وقضى القاضي بذلك، فإنه ينظر إلى تاريخ العقد الذي كان بين إبراهيم ومحمد، فإن كان منذ سنة أو أقل من ذلك يرجع محمد بالثمن على إبراهيم، لأن ملك عبد الله صار مؤكداً بالعتق أو بما ألحق بالعتق، والملك المؤكد بالعتق أو بما ألحق بالعتق مع الملك الخالي عن العتق أو عما ألحق بالعتق إذا اقترنا، كان الملك المؤكد أولى بالإثبات لقوة فيه؛ فإذا استويا في التاريخ وصار المؤكد بالعتق أولى كان من ضرورته بطلان شراء محمد من إبراهيم، هو كذلك إذا كان تاريخ العقد الذي جرى بين محمد وبين إبراهيم أقل من سنة عن طريق الأولى.
أو يقول: بأن العتق الموقع يبقى ملكاً مقارناً وملكاً متأخراً عنه، لأن العتق إبطال الملك، ولا يتصور اقتران الملك بما يبطله ولا يتصور بعده أيضاً، وإن كان تاريخ العتق الذي جرى بين محمد وإبراهيم منذ سنتين لا يرجع محمد بالثمن على إبراهيم إذ ليس من ضرورة ملك عبد الله، وإن صار مؤكداً بالعتق بطلان شراء محمد من إبراهيم، فلا نثبت له حق الرجوع على إبراهيم.
ولو أن الجارية أقامت البينة على عبد الله أنه كاتبها، وقضى القاضي بذلك لا يرجع بالثمن على إبراهيم؛ لأن عقد الكتابة حق العبد، وإنه معاوضة كسائر المعاوضات، ولهذا يحتمل النقض والفسخ من جهة المتعاقدين فأشبه البيع.
ولو أقامت البينة على البيع من عبد الله، وقضى بها للمستحق لم يكن لمحمد أن يرجع بالثمن على إبراهيم كذا ههنا،