وعند محمد رحمه الله لا يصير مدركاً لها، فأبو حنيفة وأبو يوسف جعلا هناك إدرك الإمام في التشهد كإدراك الركعة في حق إدراك الجمعة، فكذلك في حق هذا، ومحمد رحمه الله لم يجعل هناك إدراك الإمام في التشهد كإدراكه في حالة القيام في حق إدراك الجمعة، كذلك في هذا.
ثم إن محمداً رحمه الله ذكر في «الجامع الصغير» إذا انتهى الرجال إلى الإمام، والإمام في صلاة الفجر إن خشي أن تفوته ركعة، ويدرك ركعة من الفجر يصلي ركعتي الفجر ويدخل مع القوم في صلاتهم وذكر في كتاب الصلاة إذا انتهى إلى الإمام والإمام يريد أن يأخذ في الإقامة، وقد اختلفوا فيه قال بعضهم هذا، وذلك سواء، ويشتغل بركعتي الفجر في الحالين إذا كان يرجو إدراك ركعة مع الإمام، وقال بعضهم: إذا انتهى إلى الإمام، والإمام في الصلاة يشتغل بركعتي الفجر إذا كان يرجو إدراك ركعة مع الإمام، وأما إذا أراد الإمام أن يأخذ في الإقامة، يدخل في صلاة الإمام؛ لأن في الصورة الأولى تكبيرة الافتتاح فاتته حقيقة، وفي الصورة الثانية تكبيرة الافتتاح ما فاتته حقيقة، فلو دخل في صلاة الإمام يحرز فضيلة تكبيرة الافتتاح حقيقة، وفضيلة الجماعة، فكان هذا أولى، ومن سوى بين الحالين يقول في الصورة الثانية إن كان يحرز فضيلة تكبيرة الافتتاح حقيقة تقوم فضيلة ركعتي الفجر، وإذا اشتغل بركعتي الفجر يحرز فضيلة ركعتي الفجر، ويحرز فضيلة تكبيرة الافتتاح معنى وكان هذا أولى، والله أعلم.
(فصل في الرجل يشرع في صلاة ثم أقيمت تلك الصلاة أو يشرع في النفل ثم أقيمت الفرض
أو يدخل في مسجد قد أذن فيه إذا صلى رجل ركعة من الظهر ثم أقيمت الظهر في ذلك المسجد يقطعها، ويدخل مع القوم.
يجب أن يعلم بأن نقض العبادات مقصوداً بغير عذر حرام، النقض لأداء ما هو فوقه جائز؛ لأنه ليس بنقض معنى، بل هو إكمال، فيجوز كهدم المسجد للإصلاح، وكنقص الظهر يوم الجمعة لأداء الجمعة، قلنا: والصلاة بجماعة ضرب مزية على الصلاة منفرداً، قال عليه السلام:«صلاة الرجل بجماعة تفضل على صلاة الرجل وحده بخمس وعشرين درجة» ، وفي رواية «بسبع وعشرين درجة» ، فيجوز نقض الصلاة منفرداً لإحراز الجماعة؛ لأن هذا النقص وسيلة إلى ما فوقه، ولكن هذا إذا لم تثبت شبهة الفراغ عن صلاة منفرداً، فأما إذا ثبت شبهة الفراغ لا ينقضها؛ لأن العبادة بعد الفراغ عنها لا تقبل البطلان إلا بالردة.