للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأقام على ذلك بينة، لا تندفع عنه دعوى المدعي عند أبي حنيفة، لأن المسلم قد يجب عليه ثمن خمر عنده، بل يوكل ذمياً بشرائها، وعندهما تندفع عنه دعوى المدعي؛ لأن عندهما لا يجب ثمن الخمر على المسلم بحال، وإن لم يكن للمدعى عليه بينة على ذلك فعلى قول أبي حنيفة المال لازم على المدعى عليه، وعندهما القول قوله مع يمينه، ولا يلزمه المال.

رجل ادعى على غيره كذا، كذا ديناً من الدراهم، فادعى المدعى عليه الإيفاء، وجاء بشهود شهدوا أن المدعى عليه دفع هذا المال كذا كذا من الدراهم، ولكن لا يدري بأي جهة دفع، هل يقبل القاضي هذه الشهادة؟ وهل تندفع بها دعوى المدعي؟.

حكي عن شيخ الإسلام السغدي أنه قال: لا تقبل هذه الشهادة، ولا تندفع بها دعوى المدعي، وعن بعض مشايخنا: أنه تقبل؛ وتندفع به دعوى المدعي، وهو الأشبه والأقرب إلى القول.

رجل ادعى على رجل ستة دنانير، فقال المدعى عليه في دعوى دفع المدعي: إنه أبرأني من هذه الدعوى، فأقام على ذلك بينة، فادعى المدعي ثانياً أن المدعى عليه قد كان أقر لي بستة دنانير بعد إبرائي إياه؛ هل يصح دفع الدفع؟.

فقد قيل: إن قال المدعى عليه: أبرأتني عن هذه الدعوى وقبلت الإبراء، أو قال: صدقتك في ذلك؛ لا يصح منه دفع الدعوى؛ يعني دعوى الإقرار ثانياً، وإن لم يقل قبلت الإبراء، ولا قال: صدقتك في ذلك، يصح منه دفع الدفع، يعني دعوى الإقرار ثانياً؛ لأن الإبراء يرتد بالرد، وإذا لم يذكر القبول ولا التصديق يحتمل الرد، فيصح دعوى الإقرار ثانياً.

وقيل: لا يصح دعوى الإقرار ثانياً؛ لأن بينة المدعى عليه تثبت إبراء المدعي إياه عن هذه الدعوى، وارتفع أن الذي وجب به الدين على المدعى عليه، فدعوى المدعي إقرار المدعى عليه ثانياً، يكون في الحاصل دعوى المال بشرط الإقرار، ودعوى المال بسب الإقرار غير صحيح، عليه عامة المشايخ.

وقيل: دعوى الإقرار ثانياً صحيح من غير فصل، لأن المدعي يدعي الإقرار ثانياً، يثبت بطلان دعوى المدعى عليه على الإبراء على المدعي فإنه يقول: دعواك الإبراء علي لم تصح، وكنت مبطلاً في ذلك لما أقررت لي بالدنانير بعد ذلك، ودعوى بطلان الدعوى من أي طرف كان ذلك صحيح.

رجل ادعى على آخر خمسين ديناراً؛ فقال المدعى عليه في الدفع: إن المدعي أقر أنه دفع إليه العدالة لكل دينار خمسين، ولكن أخذت الخط بالدنانير صح الدفع، وكذلك لو قال: إنك أبرأتني عن الدعاوى كلها في سنة كذا يصح الدفع.

رجل ادعى على رجل إني دفعت إليك عشرة دراهم قرضاً، فقال المدعى عليه: بل دفعت إلي عشرة دراهم إلا أنك أمرتني أن أدفعها إلى فلان، وقد دفعتها إليه، فإن أقام على ذلك بينة تندفع الخصومة (٢١٨ب٤) عن صاحب اليد وما لا فلا.

<<  <  ج: ص:  >  >>