يرجع فيه، ولو أقام بينة أنه كان اشتراها من المدعي قبل الصلح قبلت ببنته، وبطل الصلح، ولو لم يقم بينة على الشراء، وإنما أقام بينة على صلح صالحه قبل هذا الباب، أمضيت هذا الصلح الأول وأبطلت الثاني.
وفي «المنتقى» : ادعى داراً في يدي رجل إرثاً عن أبيه، ثم اصطلحا على شيء، ثم إن المدعى عليه أقام بينة أنه كان اشترى الدار من أب هذا المدعي حال حياته، أو أقام بينة أنه كان اشتراها من فلان، وفلان كان اشتراها من أب هذا المدعي، لا تقبل بينته، لأنه ساعي في نقض ما تم به، لأنه لو ظهر ذلك يبطل الصلح.
وإذا ادعى على آخر مالاً معلوماً، فادعى المدعى عليه الصلح إن كان الصلح على جنس الحق، لا حاجة إلى ذكر القبض بدل الصلح، وإن كان الصلح على خلاف جنس الحق لا بد من ذكر قبض بدل الصلح، ومن ذكر قبضه في مجلس الصلح، وهل يشترط بيان بدل الصلح؟ بعض المتأخرين قالوا: يشترط، وبعضهم قالوا: لا يشترط.
وذكر يعني عن بيانه؛ ادعى داراً في يدي رجل، فادعى المدعى عليه الصلح، ولم يقم له على ذلك بينة، وقضى القاضي بالدار للمدعي، وباعها المدعي من رجل، ثم إن المدعى عليه الدار أراد أن يحلف المدعي بالله؛ ما صالحتني عن دعواك في الدار قبل قضاء القاضي بالدار فله ذلك، فإذا حلفه ونكل عن اليمين كان للمدعى عليه الخيار؛ إن شاء أجاز البيع وأخذ الثمن وإن شاء ضمنه.
ادعى على رجل داراً في يده، وصالحه المدعى عليه على دراهم مسماة، يدفعها المدعى عليه إلى المدعي ودفع، ثم إن المدعى عليه أقام بينة على أن المدعي قال بعد الصلح: حكونه أوردم كه جندين مال بباطل أذرى بستدم، دفع بينته وبطل الصلح، وكان له أن يسترد من المدعي ما دفعه إليه، وعلى قياس ما ذكرنا قبل هذا ينبغي أن لا يسمع بينته لأنه افتدى يمينه بما يدل، فلا يكون له أن يرجع فيه.
وفي «المنتقى» : ادعى ثوباً في يدي رجل، فصالح المدعى عليه المدعي على عشرة دراهم يدفعها إلى المدعي، ودفع ثم إن المدعى عليه أقام بينة على إقرار المدعي أنه لا حق له في هذا الثوب، إن شهدوا على إقراره قبل الصلح، فالشهادة باطلة والصلح جائز، لأن المدعى عليه قد صالح وهو منكر، فإنما افتدى يمينه بما يدل.
وكذلك لو كان المدعى عليه حلف المدعي عليه فنكل، وقضى القاضي عليه بنكوله بالثوب للمدعي، ثم جاء المدعى عليه ببينة يشهدون على إقرار المدعي قبل القضاء أنه لا حق له في الثوب، لا يلتفت إلى شهادته، وإن أقام المدعى عليه بينة على إقراره بعد الصلح أنه لم يكن له في الثوب حق أبطلت الصلح.
رجل ادعى على ميت ديناً في تركته بحضرة أحد ورثته، أو ثبت الدين بالبينة، فجاء وارث آخر غير الذي قامت عليه البينة، وصالح مع المدعي على بعض ما ادعاه، ثم إن هذا المصالح أقام بينة على المدعي أن المورث قد أوفاك هذا المال، وكنت مبطلاً في هذه الدعوى لا تسمع بينته، ولو أقام غير المصالح من ورثة الميت بينة على أن المورث قد كان أوفاك هذا الدين يسمع.