وهو في بطنها بأن قال: هذا الحمل الذي في بطن أمتي هذه مني، أو قال: هذا الولد الذي في بطن هذه مني.
ولو قال: إن كان في بطن جاريتي هذه غلام فهو مني، وإن كان جارية فهو من فلان، أو قال: فليس مني، فولدت ابنة ثبت نسبها منه، هكذا ذكر في «عتاق عصام» .
وفي «الأصل» : رجل له أمة حامل، فقال: إن كان حملها غلاماً فهو مني، وإن كان جارية فهو من فلان، أو قال: فليس مني، فولدت غلاماً وجارية لأقل من ستة أشهر، ثبت نسبها منه، وكان ينبغي أن لا يثبت؛ لأنه علق الدعوى بشرط للدعوة منه بد، فلا يصح كما (لو) علقها بدخول الدار.
بيانه: أنه علق الدعوة بكون الحمل غلاماً، وبكون الحمل غلاماً مما أمر الدعوى منه بد، فإنه لو قال: هذا الحمل مني، كانت دعوته صحيحة، وإن كان الحمل جارية، فكان كون الحمل غلاماً كدخول الدار من هذا الوجه.
بخلاف ما لو قال: إن كان لها حمل فهو مني، لأن هذا تعليق الدعوة بما لابد للدعوة منه، لأنه لا بد لدعوة الحمل من وجود الحمل، والجواب: الدعوة ههنا معلقة بأصل الحمل لا بصفة في الحمل، والتعليق بأصل الحمل صحيح.
بيانه: أنه وإن ذكر صفة الحمل إلا أنا لو اعتبرنا حقيقة الصفة يبطل التعليق، ولو جعلنا ذكر الصفة عبارة عن الحمل مجازاً يصح التعليق، ويمكن جعل الصفة مجازاً عن الموصوف لاتصال منهما، كما يقال: أعطيه جزيلاً، أي: عطاءً جزيلاً، ويصير تقدير كلامه إن كان حملها حملاً على الحقيقة فهو مني، ولما قال بعد ذلك: وإن كان جارية فليس مني، فتقديرها أيضاً، وإن كان حملها حملاً على الحقيقة، فليس (٢٢٤أ٤) مني، فيصح الإقرار ولا يصح الرجوع بعد ذلك بخلاف دخول الدار؛ لأن دخول الدار أن يجعل عبارة عن أصل الحمل؛ لأنه لا اتصال بينهما، فتبقى الدعوة معلقة بالدخول حقيقة.
وبخلاف ما إذا قال: إن كان حملك غلاماً فهوحر، فولدت لأقل من ستة أشهر جارية حيث لا تعتق الجارية، لأن تعليق العتق بالصفة صحيح، فلا ضرورة الى أن يجعل صفة مجازاً عن أصل الحمل وإنما يثبت نسبها مع أنه ادعى نسب أحدهما؛ لأنا تيقنا بوجودهما في البطن وقت الدعوة، فدعوة نسب أحدهما ودعواه نسبهما على السواء، وقد ذكرنا جنس هذه المسائل في كتاب العتاق في فصل أم الولد.
وفي «نوادر بشر بن الوليد» عن أبي يوسف رحمه الله في أمة حامل أقر سيدها أنها حامل منه، فجاءت بولد لأكثر من ستة أشهر أو لستة أشهر، فنفاه قال: لا يكون ابنه وتكون أم ولده بإقراره، وكذلك إن لم تلد ولكن أسقطت سقطاً لم يستبن خلقه.
وفي «المنتقى» عن أبي حنيفة رحمه الله: وإذا عالج الرجل جاريته فيما دون الفرج وأنزل، فأخذت الجارية ماءه في شيء واستدخلته فرجها في جريان ذلك، فعلقت الجارية وولدت ولداً، فإن الولد ولد الرجل والجارية تصير أم ولده.