فإن قيل: كان ينبغي ألا يقطع نسبهما، وإن نفى الثاني لأنا حكمنا بكون الولدين مخلوقين من مائه لما حكمنا بالرجعة، وكون الولد مخلوقاً من مائه يمنع قطع النسب باللعان كما لو كان مقراً به.
قلنا: اختلفت عبارة المشايخ في الجواب:
فعبارة بعضهم: أن الحكم بكون الولد مخلوقاً من مائه لو ثبت إنما يثبت إذا ثبت الحكم بالرجعة بوطء الزوج ولم يحكم بالرجعة بوطء الزوج؛ لأن الرجعة كما تثبت بالوطء تثبت بدواعي الوطء وبمقدماته، وهي اللمس عن شهوته.
وعبارة بعضهم وهو الأصح: أنّا وإن حكمنا بكون الولدين مخلوقاً من مائه، فإنما حكمنا به بالرجعة، والرجعة مما تقبل الإبطال بعد ثبوتها فإنه لو طلقها ثلاثاً بعد الرجعة تبطل الرجعة، والحكم بكون الولد مخلوقاً من ماء الإنسان إذا كانت بسبب حكم يقبل الطلاق لا يمنع القطع باللعان، ألا ترى أن قبل النفي حكمنا بكون الولد مخلوقاً من مائه لما حكمنا بثبات النسب، ثم لم يمنع ذلك جريان اللعان، وقطعه به لما كان النسب يقبل القطع والإبطال بعد الثبوت.
وإن جاءت بأحدهما لأقل من سنتين بيوم، وجاءت بالآخر لأكثر من سنتين بيوم، ونفى الزوج الأول منهما، فالجواب فيه عند أبي حنيفة وأبي يوسف كالجواب فيما إذا جاءت بهما لأقل من سنتين؛ لأنهما يجعلان الثاني تبعاً للأول لأنه لا بد من جعل أحدهما تبعاً للآخر لأنهما خلقا من ماء واحد فكان جعل اللاحق تبعاً للسابق أولى لأن للسبق إبراء في كثير من الأحكام.
وعند محمد الجواب فيه كالجواب فيما إذا جاءت بهما لأكثر من سنتين لأنه يجعل الأول تبعاً للثاني لأن العلوق بالثاني متيقن أنه بعد الطلاق لأن الولد لا يبقى في الولد أكثر من سنتين والعلوق بالأول مشكوك يجوز أن يكون بعد الطلاق، ويجوز أن يكون قبله، ولا شك بأن جعل المتيقن أصلاً أولى هذا الذي ذكرنا إذا كان الطلاق رجعياً.
فإن كان الطلاق بائناً، فإن جاءت بهما لأقل من سنتين من وقت الطلاق فهما ابناه لأنهما ولدا لنكاح وتعذر قطع نسبهما باللعان لانقطاع الزوجية، وعلى الزوج حد القذف لأنه قذفها وهي أجنبية محصنة.
وإن جاءت بهما لأكثر من سنتين؛ لا يثبت نسبهما من الزوج، ولا حد على الزوج، وإن قذفها وهي أجنبية لما أنها في صورة الزانيات، ولأن في حجرها ولد لم يثبت نسبه من أحد.
وإن جاءت بأحدهما لأقل من سنتين بيوم، وجاءت بالآخر لأكثر من سنتين؛ فعلى قول أبي حنيفة وأبي يوسف، هذا وما لو جاءت بهما لأكثر من سنتين سواء.
وإذا طلق الرجل امرأته واحدة بائنة، وقد دخل بها ثم تزوجها ثانياً، ثم جاءت بولد لأقل من ستة أشهر من وقت النكاح الثاني فنفاه فإنه يلاعن بينهما لقيام النكاح بينهما في الحال ويفرق بينهما، والولد ثابت النسب من الأب.