الأول: أن تجيء بالولد لأقل من ستة أشهر من وقت العتق، فإن ادعاه ثبت نسبه منه سواء كانت المرأة مدخولاً بها أو غير مدخول بها، لأنها إن جاءت بالولد لأقل من ستة أشهر من وقت الشراء فهذا ولد النكاح.
وإن جاءت به لستة أشهر من وقت الشراء فهذا ولد أمته وقد ادعاه، ومن ادعى ولد أمته يثبت النسب منه، وإذا ثبت النسب منه صارت الجارية أم ولد له، لأنه ملك جارية له منها ولد؛ وهو ثابت النسب منه.
وأما إذا نفاه الزوج إن جاءت به لأقل من ستة أشهر من وقت الشراء لا ينتفي نسبه، ولا لعان بينهما لانقطاع النكاح، ويجب حد القذف؛ لأن المقذوف محصنة أجنبية من القاذف وقت القذف، وإن جاءت به لستة أشهر من وقت الشراء، فإن نسب الولد لا يثبت منه، لأنه ولد أمة لما بينا أن العلوق حادث يحال به على أقرب الأوقات ما أمكن، ولا لعان لانقطاع النكاح، ولا حد على الزوج لأن في حجرها ولد غير ثابت النسب من أحد فكانت في صورة الزانيات.
الوجه الثاني: إذا جاءت بالولد لستة أشهر فصاعداً إلى سنتين من وقت العتق، فإن ادعى الزوج نسب الولد ثبت نسبه منه سواء كانت المرأة مدخولاً بها أو غير مدخول بها، وإن نفاه إن كانت المرأة غير مدخول بها؛ لا يثبت نسبه منه عندهم جميعاً، وإن كانت المرأة مدخولاً بها ونفاه، أو لم ينفِ، ولم يدعُ بل سكت؛ اختلفوا فيه؛ قال أبو يوسف رحمه الله: لا يثبت نسبه من الزوج، ولا يضرب الحد إذا نفى، وقال محمد رحمه الله: يثبت النسب من الزوج ويضرب الحد إذا نفى، وجه قول محمد أنَّ هذه معتدة قد ثبت نسب ولدها من صاحب العدة إلى سنتين، وإنما قلنا: هذه معتدة قد ثبت نسب ولدها من صاحب العدة إلى سنتين لأن العدة قد وجبت بالفرقة الشرعية بالشراء، وظهر بالعتق حتى لزمها الإيفاء عن محظورات العدة، وحرم على الزوج، ولا يحل له أن يتزوج بأختها وأربع سواها، بخلاف ما لو لم يعتقها، وجاءت بالولد لستة أشهر من وقت الشراء، فإنه لا يثبت نسبه من غير دعوى لأنا قلنا: معتدة جاءت بولد، وقيل: العتق بعد الشراء لا تظهر العدة في حق المولى، فإن شيئاً من أحكامها لا يظهر في حق المولى، فكان بمنزلة المطلقة قبل الدخول بها من هذا الوجه.
وأما أبو يوسف يقول بأن هذه ولد الأمة فلا يثبت نسبه بدون الدعوى قياساً على ما لو لم يعتقها.
بيانه: أن العلوق حادث، فيحال بالحدوث على أقرب الأوقات ما أمكن، وأمكن إحالته إلى ما بعد الشراء؛ لأن الوطء حلال للمولى بعد الشراء بملك اليمين، ولا يصير المولى بالوطء مراجعاً حتى يصير مخالفاً للسنة، بخلاف المطلقة بعد الدخول بها إذا جاءت بولد؛ لأن الوطء حرام على الزوج بعد الفرقة إن كان الطلاق بائناً، وإن كان رجعياً يصير الزوج مراجعياً بها لوطء، وإنه خلاف السنة، فأحيل به على حال النكاح،