فالإمام يجهر به ليتعلموا منه. وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلّمجهر به، والصحابة تعلموا القنوت في قراءته، وإن كان الغالب فيهم أنهم يعلمون يخفي به، لأنه دعاء، والسبيل في الدعاء الخفية، وقال بعض المشايخ: يجب أن يجهر به، لأن له شبهاً بالقرآن، فإن الصحابة رضوان الله عليهم اختلفوا فيه، قال بعضهم هما سورتان من القرآن ويجهر بما هو فرض على الحقيقة، فكذا بما له نسبة بالقرآن، وقال صاحب «شرح الطحاوي» : الإمام يجهر بالقنوت، ويكون ذلك الجهر دون الجهر بالقراءة في الصلاة.
السابع: في بيان المقتدي هل يقرأ القنوت؟
ذكر القاضي الإمام عز الدين في «شرح المختلفات» : إن على قول أبي يوسف رحمه الله: يقرأ، وعلى قول محمد رحمه الله: لا يقرأ، وهكذا ذكر في «الفتاوى» ، وذكر في موضع آخر أن القوم يُؤمنون عند محمد رحمه الله ويسكتون، عند أبي يوسف رحمه الله القوم بالخيار إن شاؤوا قرأوا، وإن شاؤوا سكتوا.
وقال محمد رحمه الله: إن شاؤوا قرؤوا وإن شاؤوا أمنوا لدعائه، وذكر الطحاوي رحمه الله: أن القوم يتابعونه إلى قوله؛ إن عذابك بالكفار ملحق، فإذا دعا الإمام، فعند أبي يوسف رحمه الله يتابعونه، وعند محمد رحمه الله يؤمنون.
الثامن: أن في حالة القنوت يرسل يديه أو يعتمد: كان الفقيه أبو بكر الإسكاف رحمه الله يعتمد، وكان الفقيه أبو بكر بن أبي سعيد يرسل، وكذلك في صلاة الجنازة، وكذلك في الركوع والسجود، وكان الفقيه أبو جعفر يختار هذا القول.
التاسع: في الصلاة على النبي عليه السلام في القنوت، وفي الشك الواقع فيه.
قال بعضهم: هذا ليس موضع الصلاة على النبي عليه السلام يعني لا يصلي عليه، وقال الفقيه أبو الليث رحمه الله: هذا دعاء، والأفضل في الدعاء أن يكون فيه الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلّم فإن صلى على النبي في القنوت وفي الشك الواقع فيه لم يصلِ في القعدة الأخيرة عند بعضهم، وروى الحسن عن أبي حنيفة رحمه الله: أن عليه السهو، وقال محمد رحمه الله:؟..... أن ألزمه السهو لأجل الصلاة على النبي عليه السلام. وإذا قنت في الركعة الأولى أو الثانية ساهياً لم يقنت في الثالثة لأنه لا يتكرر في الصلاة الواحدة، وإن شك أنه قنت أم لا يعني في الثالثة وهو في قيام الثالثة تحرى، فإن لم يحضره شيء قنت، لأنه عسى لم يقنت.
وذكر في «الواقعات» : رجل شك في الوتر وهو في حالة القيام أنه في الأولى أو الثانية أو في الثالثة فإنه يأخذ بالأقل احتياطاً إن لم يقع تحريه على شيء ويقعد في كل ركعة، ويقرأ، وأما القنوت: فقد قال أئمة بلخ: إنه يقنت في الركعة الأولى لا غير، وعن أبي حفص الكبير رحمه الله: إنه يقنت في الركعة الثانية أيضاً، وبه أخذ القاضي الإمام أبو علي النسفي رحمه الله.