للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الذي ادعى البيع؛ لأن الذي في يديه الطيلسان أقر أن الطيلسان كان في يد مدعي البيع. قال: وهذا في اليمين بالمدعى عليه، وعلل فقال: لأنهما لو أقاما البينة كانت البينة بينة الآخر.

رجل ادعى داراً في يدي رجل أنها داره، اشتراها من صاحب اليد قبل هذا التاريخ بشهر، وأنكر المدعى عليه دعواه، فأقام المدعي بينة على دعواه، فقال المدعى عليه: الدار كانت لي إلا أني قد كنت بعتها قبل هذا من امرأتي بتاريخ ثلاثة أشهر؛ وصدقت امرأة المدعى عليه المدعى عليه في ذلك، وقالت: قد كنت اشتريت هذه الدار من هذا المدعى عليه قبل هذا بثلاثة أشهر، وأقامت بينة على دعواها على المدعي، وكان ذلك قبل القضاء بالدار للمدعي، فالقاضي لا يقبل بينتها.

ولو أقامت المرأة بذلك على زوجها قبلت بينتها، وقضي بالدار لها، وإن أقر الزوج لها بذلك؛ لأن إقرار الزوج لها ببيع الدار منها بعدما أقام المدعي البينة على دعواه لم تصح؛ إذ لو صح بطل ما أقام المدعي من البينة وإنه لا يجوز، وإذا لم يصح إقرار المدعى عليه بذلك صار وجوده والعدم بمنزلة، وصارت مسألتنا أن المدعي ادعى الشراء من صاحب اليد بتاريخ شهر، وامرأة صاحب اليد ادعت الشراء منه بتاريخ ثلاثة، فيقضى بالدار بتاريخها.

المحبوس بالدين إذا أقام بينة أنه معسر، وأقام رب الدين بينة أنه موسر، فالقاضي يقبل بينة رب الدين، وإن لم يبينوا مقدار ملكه حتى يخلده في السجن ببينة رب الدين وفيه إشكال؛ لأن تخليده في السجن لا يستحق إلا باليسار، واليسار لا يثبت إلا بالملك، وتعذر القضاء بالملك لجهالة قدره، ألا ترى إلى ما ذكر في كتاب الشفعة أن المشتري إذا أنكر جوار الشفيع وأنكر ملكه في الدار التي في يديه بجنب الدار المشتراة، وأقام الشفيع بينة أن له نصيباً في هذه الدار، ولم يبينوا مقدار النصيب فالقاضي لا يقضي بهذه الشهادة، وطريقه: أن حق الشفعة إنما تثبت لمدعيها إذا ثبت له الملك في الدار التي يدعي الشفعة بها، والقضاء بالملك له، فهذه الشهادة غير ممكنة لمكان الجهالة، فههنا يجب أن يكون كذلك.

والجواب وهو الفرق بين المسألتين: أن في مسألة المحبوس القضاء بالملك له غير ممكن لجحوده لا لجهالته، بل الملك لنفسه، ألا ترى أن الشهود إن بينوا مقدار الملك له، فالقاضي لا يقضي له بالملك مع أن المشهود به معلوم لجحوده الملك لنفسه، وإذا تعذر القضاء بالملك لجحوده لم يشترط القضاء باليسار إمكان القضاء له بالملك، فأما في مسألة الشفعة؛ القضاء بالملك للشفيع ممكن؛ لأنه يدعي الملك لنفسه، وإذا أمكن القضاء له بالملك كان إمكان القضاء بالملك شرطاً لثبوت الشفعة؛ لأن الشفعة لا تستحق إلا بالملك، أو ليس إذا سقط شرط من شرائط صحة القضاء في موضع العجز يدل على أنه يسقط في موضع آخر من غير العجز.

وإذا أقام المدعي بينة على أن قاضي بلد كذا فلان قضى له على هذا الرجل بألف

<<  <  ج: ص:  >  >>