للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حكي فصل التسمية عن شمس الأئمة الحلواني رحمه الله.

قال أصحابنا رحمهم الله بأن صوف الحيوانات الميتة وعصبها ووبرها وشعرها وعظمها طاهر. ألا ترى أنه يكون على العظم دسم سواء كان مأكول اللحم أو غير مأكول اللحم حتى تجوز الصلاة مع هذه الأشياء عندنا جز قبل الموت أو بعده.

وقال الشافعي رحمه الله: إن كانت هذه الأشياء في مأكول اللحم جُزَّ منها قبل موتها فهي طاهرة يجوز الانتفاع بها، وإن جز منها بعد موتها فإنها نجسة، وإن كانت هذه الأشياء في غير مأكول اللحم، فإنها نجسة لا يجوز الانتفاع جز قبل الموت أو بعده.

حاصل الاختلاف راجع إلى أن لهذه الأشياء روح أم لا، فعندنا لا روح في هذه الأشياء. وعند الشافعي رحمه الله في هذه الأشياء روح كما في اللحم، وإذا لم يكن فيها روح عندنا لا تحلها الوفاة فيجعل وجود الموت في الأصل وعدمه سواء وعندنا لما كان في هذه الأشياء، فالشافعي رحمه الله احتج بقوله تعالى: {حرمت عليكم الميتة} (المائدة: ٣) والميتة اسم لجميع أجزائها فيحرم الانتفاع بجميع أجزائها عملاً بهذا الطاهر، والدليل عليه قوله عليه السلام: «لا تنتفعوا في الميتة بشيء» ، والمعنى فيه أن هذا جزء، ويتصل بذي روح....... الأصل فيتنجس بالموت قياساً على سائر الأطراف.

والدليل على (أن) في العظم حياة أنه يتألم المرء بكسر العظم كما يتألم يقطع اللحم فتلحقه الوفاة ويتنجس بالموت، وكذا العظم وعلماؤنا رحمهم الله احتجوا بقوله تعالى: {أصوافها وأوبارها وأشعارها أثاثاً ومقاماً إلى حين} (النحل: ٨٠) الله تعالى من علينا بأن يجعل هذه الأشياء مستمتعاً لنا من غير فصل بينما إذا أخذ منه قبل الموت أو بعده، في مأكول اللحم أو من غير مأكول اللحم، وعن عائشة رضي الله عنها عن النبي عليه السلام أنه قال: «لا...... الجلود الميتة إذا دبغت ولا بقرونها ولا بشعورها إذا غسلت بالماء» والمعنى فيه. وهو أن هذا بمعنى لو انفصل منه حالة الحياة حكم بطهارته، فكذلك إذا انفصل بعد الموت قياساً على البيض والولد.

والدليل على أنه لا روح في هذه الأشياء أن الحي لا يتألم بقطعها، فلو كان فيه حياة لتألم بقطعها كما في اللحم، ولا نقول إن العظم يتألم بل ما هو متصل به من اللحم يتألم.

فالحاصل: أن عظم ما سوى الخنزير والآدمي من الحيوانات، إذا كان الحيوان ذكاة إنه طاهر سواء كان العظم رطباً أو يابساً، وأما إذا كان الحيوان ميتاً، فإن كان عظمه رطباً فهو نجس، وإن كان يابساً فهو طاهر؛ لأن اليبس في العظم بمنزلة الدباغ من حيث

<<  <  ج: ص:  >  >>