برأسه رأيته إن كان بمرور الماء فهو على الاختلاف، وإن كان لا بمرور ماء فمن مشايخنا من قالوا: شيء فلا خلاف؛ لأنه حصل لا بصنع من جهة العباد، ومنهم من قال: على الاختلاف؛ لأن الشرط مضاف إلى الواضع، ولو وقع الكمثري من الشجر على رأسه فهو على هذا.
منهم من قال: لا يبني لأنه حصل بصنعه، فإنه يمكنه التحفظ منه، ومنهم من قال: على الاختلاف، ولو أضاف بدنه أو ثوبه نجاسة إن أصاب بسبب مطلق له البناء بأن قاء أو رعف فأصاب ثوبه أو بدنه من ذلك يغسل ويبني؛ لأن هذه نجاسة حقيقية أصابته لا بصنع من جهة العباد فيعتبر بنجاسة تصيبه لا من جهة العباد، ولأن الشرع لما جوز البناء بمطلق رعاف مع علمه أن ذلك قد لا يخلو عن النجاسة علم أنه جعله عفواً، فأما إذا أصابته لا بسبب يطلق له البناء، فإن انتضح البول على ثوبه أكثر من قدر الدراهم فغسلها يبني.
وعن أبي يوسف رحمة الله عليه: إنه يبني، وقيل الغسل: لو أمكنه النزع فإن يجد ثوباً آخر ينزع من ساعته أجزأه، لأن النجاسة الكثيرة في مدة قليلة بمنزلة النجاسة القليلة في مدة كثير، كما أن الكشف الكبير من مدة قليلة بمنزلة الكشف القليل في مدة كثيرة.
وإن لم يمكنه النزع من ساعته بأن لم يجد ثوباً آخر، فإن أدى جزءاً من الصلاة مع ذلك الثوب تفسد صلاته بالإجماع، وإن لم يؤد جزءاً من الصلاة ولكن مكث كذلك لم تفسد صلاته، وإن طال مكثه وإن أمكنه النزع في ساعته بأن كان يجد ثوباً آخراً، فلم ينزع ولم يؤد جزءاً من الصلاة اختلف أصحابنا فيه، قال أبو حنيفة وأبو يوسف رحمهما الله: تفسد صلاته فيذهب ويغسل الثوب ويستقبل الصلاة، وقال محمد رحمه الله: لا تفسد صلاته، فيغسل ويبني...... أصاب جسده.
وعلى هذا الاختلاف مسائل: إحداها في النجس حملت ساعة فإن كان بعذر بأن لم يمكنه أن يتحول ولم يؤد شيئاً، فإن صلاته لا تفسد، وإن مكث بغير عذر، ولم يؤد شيئاً فهو على الاختلاف.
وكذلك المصلي إذا سقط عنه ثوبه فمكث عرياناً ولم يستتر من غير عذر ولم يؤد شيئاً فعلى هذا الاختلاف محمد رحمه الله يقول: لم يؤد شيئاً في الصلاة فلا تفسد، كما لو مكث بعذر وهما يقولان: مكث من غير عذر فتفسد كما لو أدى ركناً، وهذا لأن بقاء الحرمة بعد فوات هذه الشرائط بخلاف القياس والشرع إنما...... الانصراف من ساعته، والله أعلم.
وإن أصابه الدم بسبب الرعاف وأصابه بغير أدنى سبب آخر، وذلك أقل من قدر الدرهم لكن مع الرعاف أكثر من قدر الدرهم فغسل النجاسة التي لا تسبب الرعاف تثبت صلاته سواء كانا في محلة واحدة أو في محلتين، وإن سال من دمل به دم توضأ وغسل