للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في قول أبي حنيفة، وأبي يوسف استحساناً، وقال محمد: لا وضوء عليه، وهو القياس؛ لقول ابن عباس رضي الله عنهما: «الوضوء مما خرج» وقد تيقن أنه لم يخرج منه شيء، فهو كالتقبيل. ولهما أن الغالب من حال (٨ب١) من بلغ في المباشرة هذا المبلغ خروج المذي منه فيجعل كالمذي بناء للحكم على الغالب دون النادر، ألا ترى أن من نام مضطجعاً ينتقض وضوءه وهو وإن تيقن أنه لم يخرج منه شيء اعتباراً للغالب كذا ههنا.

والكلام الفاحش لا ينقض الوضوء وإن كان في الصلاة؛ لأن الحدث اسم لخارج نجس، ولم يوجد هذا الحدُّ في الكلام الفاحش.

ولا وضوء في أكل ما مسته النَّار أو لم تمسه، فقد صح «أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلّمأكل من كتف شاة ثم صلى ولم يتوضأ» .

وليس في حمل الميت وغسله وضوء إلا أن يصيب يده أو جسده شيء من الماء، فيغسل ذلك الموضع.

وإذا ذبح شاة، فلا وضوء عليه إلا أن تتلطخ يده بدمها فيغسل يده.

قال القدوري رحمه الله: وليس في مزال عن بدن ولا موطوء عليه وضوء، ولا إمرار ماء على موضع المزال.

يريد به: إذا توضأ، ثم قلم ظفره أو حلق شعره، وقد مرت مسألة الشعر من قبل، ومعنى الموطوء عليه: أن يطأ نجاسة لا يلصق به شيء منها، وإن لصقت فعليه غسلها والله أعلم.

(نوع آخر)

قال محمد رحمه الله في «الأصل» : ومن شك في بعض وضوئه وهو أول ما شك غسل الموضع الذي شك فيه؛ لأن غسله لا يريبه وتركه يريبه، وقد قال عليه السلام: «دع ما يريبك إلى ما لا يريبك» ، ولأنه على يقين من الحدث في ذلك الموضع، وفي شك من غسله، واليقين لا يزال بالشك، فأما إذا كان يرى ذلك كثيراً لم يلتفت ومضى؛ لأنه من الوساوس، والسبيل في الوساوس قطعها، وترك الالتفات إليها؛ لأنه لو التفت إليها تقع في مثل ذلك ثانياً وثالثاً، فبقي في أكثر عمره في ذلك.

قالوا: وهذا إذا كان الشك في خلال الوضوء، فأما إذا كان هذا الشك بعد الفراغ من الوضوء لا يلتفت إليه ومضى، وهو نظير ما إذا شك في صلاته أنه صلاها ثالثاً أو أربعاً إن كان هذا الشك في خلال الصلاة كان معتبراً، وإن كان بعد الفراغ من الصلاة لا يعتبر، حملاً لأمره على ما كان وهو الخروج عن الصلاة بعد التمام كذا ههنا.

وتكلموا في قوله: وهو أول ما شك فيه، من المشايخ من قال: أراد به أول ما شك في عمره، ومنهم من قال: أراد به أن الشك في هذا لم تصر عادة له.

<<  <  ج: ص:  >  >>