السجود؛ لأنه إذا قرأ ثلاث آيات بعد آية السجدة، فقد صارت السجدة ديناً في ذمته لفوات محل الأداء؛ لأن وقتها وقت وجوبها، إلا أن وقتها يقدر بأدائها أو، لا بد للتلاوة من وقت مقدر وكأن وقتها مقدر بأدائها، كما في سائر أفعال الصلاة إذا تقدر وقتها بأدائها، فإذا وجد من الفاصل قدر ما يقع به الأداء لو اشتغل بالأداء صارت فائتة، فلا ينوب الركوع والسجدة من التلاوة، وإذا لم يوجد من الفاصل قدر ما يقع به كان وقت الأداء باقياً، فلا تصير فائتة، فينوب الركوع أو السجدة عنها.
وقدرنا وقت الأداء بثلاث آيات؛ لأن وقت أدائها يمضي بآيات كثيرة، ولا يمضي بقراءة آية أو آيتين فقدرنا الكثرة بالثلاث، لأنه أول الجمع الصحيح، فما لم يقرأ ثلاث آيات كان وقت الأداء باقياً وكان وقتها، ولا يعتبر الركوع فاصلاً، فلا يمنع ... السجدة بعد الركوع عن التلاوة وحتى لا تصير السجدة ديناً بالركوع؛ لأن نفس الركوع يتأدى بالانحناء دون الطمأنينة، فإذا لم يصر قراءة آية أو آيتين فاصلاً فهذا أولى، بخلاف ما إذا ركع على الفور؛ لأنها ما صارت ديناً لبقاء محلها، وبخلاف ما إذا قرأ بعد آية السجدة آية أو آيتان؛ لأنها ما صارت ديناً بعد حين لم يقرأ بعدها ما تتم به سنّة القراءة.
نوع آخرمن هذا الفصل في المتفرقات
قال محمد رحمه الله في «الجامع الصغير» : ويكره أن يقرأ السورة في الصلاة أو غيرها ويدع آية السجدة، قال الحاكم الشهيد رحمه الله: إنما كره لمعانٍ.
أحدها: أن ترك الآية من بين السورة يقطع النظم وإعجاز القرآن، فأشبه تحريف القرآن عن موضعه، فيكون فيه رعاية على تحريفه قابل ما في الباب أن يكره.
والثاني: أن فيه ترك القراءة سنّة، فإن السنّة أن يقرأ فيها السورة على نحوها قال عليه السلام لبلال:«إذا قرأت سورة، فاقرأها على نحوها» وخلاف السنّة مكروه.
والثالث: أن ترك الآيتين به من بين السورة يؤدي إلى إلغاء القرآن، ومن ألغى في القرآن فقد أجرم فيكره لقوله تعالى:{وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لاَ تَسْمَعُواْ لِهَذَا الْقُرْءانِ وَالْغَوْاْ فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ}(فصلت: ٢٦) .
والخامس: أن ترك السجدة من بين السورة يؤدي إلى هجر القرآن، فيكره لقوله تعالى:{وَقَالَ الرَّسُولُ يرَبّ إِنَّ قَوْمِى اتَّخَذُواْ هَذَا الْقُرْءاَنَ مَهْجُوراً}(الفرقان: ٣٠) وقال النبي عليه السلام: «ليس شيء من القرآن بمهجور» ، فلا ينبغي أن يدع آية السجدة فبعد ذلك