واحدة ترد إشكالاً على الأخرى، والجواب في هاتين المسألتين على هذا الوجه منقول عن ابن سلمة رحمه الله، وذكر في آخر «النوادر» قبيل باب التأويلات عن الفقيه أبي بكر رحمه الله أن الأقلف إذا لم يدخل الماء داخل الجلدة، ففي الغسل لا يجزئه، وفي الوضوء يجزئه، وجعله كالمضمضة والاستنشاق والله أعلم.
نوع منه فى بيان فرائضه وسننه
والفرض فيه أن يغسل جميع بدنه ويتمضمض ويستنشق، والمضمضة والاستنشاق فرضان في الغسل، نفلان في الوضوء، والأصل فيه قوله عليه السلام:«تحت كل شعرة جنابة فبلوا الشعرة والبشرة» ، وفي الأنف شعر وفي الفم بشرة. قال ابن الأعرابي: البشرة اسم لجلدة تقي اللحم من الأذى، ولأن الأنف والفم عضوان يمكن إيصال الماء إليهما من غير حرج، فيجب في الغسل عن الجنابة كما في سائر الأعضاء وهذا لأن الواجب تطهير البدن، قال الله تعالى:{وإن كنتم جنباً فاطهروا}(المائده:٦) واسم البدن يتناول الكل إلا ما لا يمكن إيصال الماء إليه يسقط اعتباره لمكان الضرورة، فأما إذا أمكن إيصال الماء إلى هذين العضوين من غير حرج لا ضرورة إلى إسقاط اعتبارهما. أما في الوضوء الواجب غسل الوجه، والوجه اسم لما يواجه الناظر، والمواجهة لا تقع بباطن الفم والأنف.v
وتقديم الوضوء على الاغتسال في الجنابة سنة، وليس فرضاً عند علمائنا رحمهم الله، حتى إنه لو لم يتوضأ وأفاض الماء على رأسه وسائر جسده ثلاثاً أجزأه إذا كان قد تمضمض واستنشق.
رجل اغتسل من الجنابة ولم يتمضمض، إلا أنه شرب الماء، هل يقوم شرب الماء مقام المضمضة؟ كان الفقيه أحمد بن إبراهيم يقول لعمرو هكذا كان جواب الشيخ الإمام أبي بكر محمد بن الفضل البخاري رحمه الله (٩ب١) حسب ما بلغ: إذا تمضمض يجوز، وما لا فلا، وبنحوه روى الحاكم الشهيد رحمه الله في «المنتقى» عن محمد، والذي روي عنه جنب شرب الماء قال: إن كان الشرب أتى على جميع فمه يجزئه عن المضمضمة، وإن كان مص الماء مصاً، فلم يأت على جميع فمه لم تجزئه عن المضمضمة.