المرحلة الثالثة، وهو على قياس تقدير أقل مدة الحيض على قول أبي يوسف ولم يعتبر بعض مشايخنا الفراسخ، قالوا: لأن ذلك يختلف باختلاف الطرق في السهولة والصعوبة والجبال والبر والبحر.
وعامة مشايخنا قدروه بالفراسخ أيضاً، واختلفوا فيما بينهم، بعضهم قالوا: أحد وعشرين فرسخاً، وبعضهم قالوا: ثمانية عشر فرسخاً أدنى مدة السفر ثمانية عشر فرسخاً، وبعضهم قالوا: خمسة عشر، والفتوى على ثمانية عشر؛ لأنها أوسط الأعداد، وإن كان السفر سفر جبال، فعبارة بعض مشايخنا رحمهم الله أن التقدير فيه بمنزلة ثلاثة أيام ولياليها على حسب ما تبين بحال الجبل، وعبارة الشيخ الإمام الأجل شمس الأئمة الحلواني رحمة الله عليه: أن التقدير فيه بالمراحل لا محالة يقدر ثلاثة مراحل مرحلة الجبل، لا مرحلة السهل.
وإن كان السفر سفر بحر فقد اختلف المشايخ فيه أيضاً، والمختار للفتوى أنه ينظر أن السفينة كم تسير ثلاثة أيام، ولياليها حال استواء الريح، فيجوز ذلك أصلاً ويقصر الصلاة إذا قصد مسيرة ثلاثة أيام ولياليها على هذه السفينة في البحر، فلو سار في الماء سيراً سريعاً، ويكون ذلك على البرية ثلاثة أيام ولياليها، فقد ذكر الحسن عن أبي حنيفة رحمه الله أنه ... ، وهذا شيء يعرفه الملاحون، فيرجع في ذلك إلى قولهم، وقال أبو حنيفة رحمه الله: إذا خرج إلى مصر في طريق في ثلاثة أيام وأمكنه أن يصل إليه في طريق آخر في يوم واحد قصر، وقال الشافعي إذا كان بغير عرض لم يقصر؛ لأن ما يكون بغير عرض لا يكون معتداً به، فيكون وجوده وعدمه بمنزلة ولا هو له رخصة السفر، وأما بقول أن الحكم متعلق بالسفر دفعاً للحرج، فيتعلق بالسفر دون الغرض ثم سلوكه أحد الطريقين بغير عرض لا يكون أعلى من سفره بغير عرض، ولو سافر بغير عرض تعلق به رخصة السفر كذلك ها هنا.
وفي «نوادر بن سماعة» : في مصر له طريقان؛ وأحدهما: مسيرة يوم والآخر مسيرة ثلاثة أيام ولياليها إن أخذ في الطريق الذي مسيرة يوم لا يقصر الصلاة، وإن أخذ في الطريق الذي هو مسيرة ثلاثة أيام ولياليها قصر الصلاة، المسافر إذا بكر في اليوم الأول، ومشى إلى وقت الزوال حتى بلغ المرحلة، فينزل فيها للاستراحة وبات فيها ثم بكر في اليوم الثاني ومشى إلى ما بعد الزوال حتى بلغ المرحلة ونزل فيها للاستراحة وبات فيها ثم بكر في اليوم الثالث ومشى حتى بلغ إلى المقصد وقت الزوال هل يصير مسافراً بهذا (٩٣ب١) ، وهل يباح له القصر قال: بعضهم لا؛ لأنه لم يمش في بقية اليوم الثالث، فهذا أقل من ثلاثة أيام ولياليها.
قال شمس الأئمة الحلواني: الوجه الصحيح أن يصير مسافراً، فهذه النية ويقصر الصلاة، لأن المسافر لا بد له من النزول لاستراحة نفسه أو لاستراحة دابته أما أشبهه،