للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي «الفتاوى» : إذا أتى امرأته وهي بكر، فلا غسل عليه ما لم ينزل، لأن البكارة تمنع من التقاء الختانين وبدونه لا يجب الغسل ما لم ينزل، كذلك لا غسل عليها لانعدام السبب في حقها، وكذلك إذا كانت ثيباً ولم يوار الحشفة، فلا غسل عليه ما لم ينزل ولا غسل عليها أيضاً لما قلنا، وقال محمد رحمه الله: في البكر إذا جومعت فيما دون الفرج فدخل من مائه فرجها: فلا غسل عليها؛ لأن الغسل إنما يجب بالتقاء الختانين أو بنزول الماء ولم يوجد واحد منهم حتى لو حبلت يجب الغسل لنزول مائها.

غلام ابن عشر سنين جامع امرأته البالغة، فعليها الغسل لوجود السبب في حقها وهو مواراة الحشفة بعد توجه الخطاب، ولا غسل على الغلام لعدم الخطاب إلا أنه يؤمر بالغسل تخلقاً واعتباراً كما يؤمر بالصلاة تخلقاً واعتباراً، ولو كان الرجل بالغاً والمرأة صغيرة يجامع مثلها، فعلى الرجل الغسل، ولا غسل عليها لوجود السبب في حقه وانعدام السبب في حقها، وجماع الخصي يوجب الغسل على الفاعل والمفعول به لوجود السبب هو مواراة الحشفة.

والكافر إذا أجنب ثم أسلم ففي وجوب الغسل عليه اختلاف المشايخ، قال بعضهم يجب، وإليه أشار محمد رحمه الله في «السير الكبير» ، والمذكور في «السير» : وينبغي للرجل إذا أسلم أن يغتسل غسل الجنابة، وعلل فقال؛ لأن المشركين لا يغتسلون من الجنابة ولا يدرون كيف الغسل في ذلك، وإنما أراد بما قال والله أعلم: إن من المشركين من لا يدين الاغتسال من الجنابة، ومنهم من يدين كقريش وبنو هاشم عامتهم توارثوا من إسماعيل عليه السلام إلا أنهم لا يدرون كيفيته، فكانوا لا يتمضمضون ولا يستنشقون، وهما فرضان ألا ترى فرضية المضمضمة والاستنشاق في الاغتسال قد خفي على كثير من العلماء، فكيف على الكفار.

على (أن) ما أشار إليه في «الكتاب» لا يخلو عن أحد شيئين: لا إما يغتسلون عن الجنابة أو يغتسلون عنها، ولكن لا يدرون كيفيتها وأي ذلك ما كان يؤمرون بالاغتسال بعد الإسلام لبقاء حكم الجنابة.

ثم فيما ذكر محمد رحمه الله بيان أن صفة الجنابة تتحقق في حق الكفار عند وجود سببها، وبه تبين أن ما ذكر بعض مشايخنا أن الغسل بعد الإسلام مستحب، وذلك في حق من لم يكن قبل ذلك أجنب، وبه تبين أن ما قال بعض المشايخ بأن الجنابة في حق الكفار لا توجب الاغتسال بعد الإسلام لأن الكفار غير مخاطبين، غير سديد.

وهذا فصل اختلف فيه المشايخ؛ لأن الكفار هل يخاطبون بالشرائع أو لا يخاطبون بها؟ فمن قال: يخاطبون بها، يقول: الغسل يجب عليه في حال كفره ولهذا لو أتى به يصح، وهذا ظاهر، ومن قال بأنهم لا يخاطبون بها، لا ينبغي أن يقول: بوجوب الغسل بعد الإسلام، ولذلك وجهان:

<<  <  ج: ص:  >  >>