ذكرنا إذا وجدت النية في حالة القعدة، فإن وجدت بعد القيام إلى الثالثة أو بعدما ركع أو بعدما رفع رأسه من الركوع، فكذلك تصح نيته إلا أنه إن كان لم يقرأ في الأوليين يعيد القراءة، وإن كان قرأ في الأوليين يعيد القيام والركوع؛ لأن ما أدى كان نفلاً، فلا ينوب عن الفرض فتلزمه الإعادة لهذا، فإن لم يعد فسدت صلاته.
فإن خرّ ساجداً ثم نوى الإقامة لم تفسد نيته، وعليه أن يستعيد الصلاة؛ لأنا لو أعملنا نيته لألزمناه ركعتين أخريين ولا وجه إلى ذلك؛ لأن ظهره يصير خمساً ولم يشرع خمساً وفي بعض النسخ إن قيد الثالثة بالسجدة، ثم نوى الإقامة، فصلاته تامة ويضيف إليها أخرى فتكون الركعتان نافلة أورد شمس الأئمة رحمه الله هذه الرواية والله أعلم.
مسافر دخل في صلاة مقيم ثم ذهب الوقت لم تفسد صلاته؛ لأن الإتمام لزمه بالشروع مع الإمام في الوقت، فالتحق بغيره من المقيمين، بخلاف ما إذا اقتدى بعد خروج الوقت، فإن الإتمام لا يلزمه بهذا الاقتداء، فإن أفسد الإمام الصلاة على نفسه، كان على المسافر أن يصلي صلاة السفر؛ لأن وجوب الإتمام عليه لمتابعة الإمام وقد زال ذلك بالإفساد.
فإن قيل: هو كان مقيماً في هذه الصلاة عند خروج الوقت، فبأن صار في حكم المسافر بعد خروج الوقت لا يتغير ذلك الفرض.
قلنا: لم يكن مقيماً في هذه الصلاة، وإنما يلزمه الإتمام بمتابعة الإمام، ألا ترى أنه لو أفسد الاقتداء في الوقت، فإنه يصلي صلاة السفر.
فرق بين هذا وبين ما إذا اقتدى المسافر بالإمام والإمام في الظهر، وهذا الرجل ينوي التطوع حتى لزمه أربع ركعات لو أفسد الإمام الصلاة على نفسه تجب على هذا الرجل، فصار أربع ركعات، وفي مسألتنا يلزمه قضاء ركعتين.
والفرق: أن الشروع يلزم كالنذر إلا أن نذر المسافر أن يصلي الظهر أربع ركعات لا يصح، ونذر المسافر أن يصلي التطوع أربعاً يصح؛ لأن النذر بالتطوع تلزم وبالفرض غير ملزم.
ويخفف القراءة في السفر في الصلوات، فقد صح أن رسول الله عليه السلام قرأ في الفجر في السفر {قُلْ يأَيُّهَا الْكَفِرُونَ} (الكافرون: ١) و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (الإخلاص: ١) وأطول القراءة في صلاة الفجر، وأما تسبيحات الركوع والسجود يقولها ثلاثاً أو أكثر ولا ينقص عن الصلاة، وإذا أتم الإمام بمدينة وهو مسافر، فصلى بهم الجمعة أجزأه وأجزأهم، فقد أقام رسول الله عليه السلام الجمعة بمكة، وهو كان مسافراً بها.
وكذلك الأمير يطوف في بلاد عمله فهو مسافر، والإمام هو الخليفة إذا سافر يصلي صلاة المسافرين؛ لأنه مسافر كغير الخليفة كذا ذكر في «النوازل» ، فقيل: إذا طاف الخليفة في ولايته لا يصير مسافراً، ويجوز للمسافر الجمع بين الصلاتين لعذر السفر بأن يؤخر الأول، ويعجل الثاني، وتأخير المغرب مكروه، إلا بعذر السفر.
وإذا قضى في حال سفره صلاة فاتته في حالة الإقامة صلى أربعاً وإن قضى في حال