الإمام إذا خطب ثم أحدث وأمر من لم يشهد الخطبة أن يصلي بالناس، وأمر ذلك الرجل من شهد الخطبة فصلى بهم ذكر شمس الأئمة السرخسي أنه لا يجوز، وهكذا ذكر الحاكم في «المختصر» .
وفي «فتاوى أهل سمرقند» : أنه يجوز؛ لأن الذي لم يشهد الخطبة من أهل الصلاة فصح التفويض لكن عجز عن الأداء، لفقد شرطه وهو سماع الخطبة، فيملك التفويض إلى الغير ولو كان الثاني ذمياً ولم يعلم الإمام به، فأمر الذمي مسلماً حتى يصلي بهم فصلى لم يجز؛ لأن التفويض إلى الذمي لم يصح؛ لأنه ليس من أهل الصلاة فلا يصح منه التفويض إلى المسلم.
وكذا لو أن الأول أمر مريضاً يصلي بإيماء أو أخرساً أو أمياً، فأمر هؤلاء غيرهم حتى يصلي لم يجز، وفيه فإن كان التفويض إلى هؤلاء قبل الجمعة بأيام فبرأ المريض والأخرس وتعلم الأمي، فصلى بهم الجمعة أو أمروا غيرهم جاز؛ لأن التفويض ليس بلازم، وما ليس بلازم كان لبقائه حكم الابتداء فصار كأنه فوض إليهم للحال، وهم في الحال من أهل الصلاة، فإن كان الإمام دخل في الصلاة ثم أحدث، فقدم ذمياً وقدم الذمي غيره لا يجوز، فإن أسلم الذمي بعدما قدمه إن خطب بهم وصلى الجمعة من الابتداء أو أمر غيره بأن يخطب ويصلي بهم الجمعة، بعدما أسلم جاز، وإن بنى على تلك الصلاة لم يجز لما قلنا.
وإذا أحدث الإمام قبل الشروع في الصلاة فلم يأمر أحداً فتقدم صاحب شرطة أو القاضي أو أمر رجلاً قد شهد الخطبة، فتقدم وصلى بهم الجمعة أجزأهم، واختلفت عبارة المشايخ في علة المسألة.
بعضهم قالوا: إقامة الجمعة من أمور العامة وقد فوض إلى القاضي وصاحب الشرطة، ما هو أمور العامة، فينزلا فيها منزلة الإمام في الإمامة بأنفسهما وبالاستخلاف.
وبعضهم قالوا: القاضي وصاحب الشرطة خلفاً للإمام فيما هو من السياسة والديانة، وإقامة الجمعة وتفويضهما إلى غيرهما من الديانة، فقاما فيهما مقام الإمام وقد مر شيء من ذلك في أول الفصل.
وفي «نوادر ابن سماعة» : عن أبي يوسف في إمام خطب ونزل وافتتح التطوع ركعتين خفيفتين، وأتمهما أو أفسدهما أو شرع في الجمعة ثم علم أن عليه صلاة الغداة، فقضاها فإني آمره بإعادة الخطبة، وإن لم يعدها أجزأه، وكذلك لو خطب، ثم رجع إلى منزله، فتوضأ أو قعد أو فعل شبه ذلك، ثم رجع وصلى جاز.
وفي «المنتقى» : إمام خطب يوم الجمعة وأحدث، وانصرف وتوضأ، ثم جاء وصلى أجزأه؛ لأن هذا من عمل الصلاة.
ولو تغدى أو جامع فاغتسل ثم جاء استقبل الخطبة، وذكر الطحاوي رحمه الله في «شرح الأثار» ، فلا ينبغي أن يكون للإمام في صلاة الجمعة غير الخطيب؛ لأن صلاة الجمعة مع الخطبة كشيء واحد من حيث المعنى؛ لأن صلاة الجمعة إنما قصرت؛ لأجل