وشهود الجمعة وانتظاره الإمام وأما الذكورة؛ فلأن المرأة مشغولة بخدمة الزوج، فيتضرر الزوج بترك خدمته، فلدفع الضرر والحرج أسقط الشرع الجمعة عن هؤلاء.
والأصل فيه قوله عليه السلام:«من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فعليه الجمعة إلا مسافر أو مملوك أو امرأة أو صبي أو مريض» غير أن الإسلام والبلوغ والعقل شرائط الوجوب، والصحة والإقامة والحرية والذكورة شرائط الأداء، حتى أن المسافر والمملوك والمريض إذا حضروا الجمعة وأدوها جازت، وكانت فريضة؛ لأن سقوط فرض السعي منهم للضرر والحرج، فإذا تحملوها التحقوا في الأداء بغيرهم.
ومما يتصل بهذه الشروط من المسائل
روى إبراهيم عن محمد في نصراني استعمل على مصر أو استقضي، ثم أسلم ليس له أن يصلي بالناس الجمعة، ولا أن يحكم حتى يؤمر بعد إسلامه، وكذلك الصبي، ولو قال الخليفة للنصراني: إذا أسلمت تصلي بالناس الجمعة، لو قال للصبي: إذا أدركت تصلي بهم الجمعة، ثم أسلم النصراني وأدرك الصبي، وصلى بهم الجمعة جاز.
وقد ذكرنا بعد هذا عن «فتاوى أهل سمرقند» : أن الإمام إذا أمر الصبي أو النصراني على بلدة وفوض إليه أمر الجمعة، ثم أسلم النصراني، وأدرك الصبي صلى بهم الجمعة جاز، وهذه الرواية بخلاف ما ذكرنا ثمة.
وفي «النوازل» : العبد إذا ظهر على ناحية، فصلى بهم الجمعة جاز، ولكن لا تجوز الأنكحة بتزويجة كالقضاء، وليس على المقعد الجمعة بالإجماع وكذلك لا جمعة على الأعمى وإن وجد قائداً، عند أبي حنيفة، وعندهما عليه الجمعة إذا وجد قائداً.
والفرق لهما بين المقعد والأعمى: أن الأعمى قادر على السعي إلا أنه لا يهتدي، فإذا وجد قائداً فقد وجد من يهتدي به، فهو بمنزلة الصحيح إذا ضل الطريق، فأما المقعد فغير قادر عليه أصلاً.
وفي «نوادر هشام» : عن محمد أنه لا جمعة على الأعمى، وإن وجد قائداً، والشيخ الكبير الذي ضعف، وعجز عن السعي لا تلزمه الجمعة كالمريض، وعلى المكاتب الجمعة، وكذلك على معتق البعض إذا كان يسعى فلا جمعة على العبد المأذون، وعلى العبد الذي يؤدي الضريبة.
قال في «الأصل» : وللمولى أن يمنع عبده من حضور الجمعة، ولا يكره له التخلف عنها؛ لأنه لم تكتب عليه، قال شمس الأئمة الحلواني رحمه الله: ما ذكر في «الكتاب» محمول على ما إذا لم يأذن له المولى، أما إذا أذن له المولى، فتخلف عنها يكره كما في الحر.
قال رحمه الله: وهذا موضع اختلاف، وقد تكلم الناس فيه، قال بعضهم: له أن يتخلف عنها وإذا أذن له المولى بها.