نوع آخر في الرجل يصلي الظهر يوم الجمعة يتوجه إلى الجمعة أو لا يتوجه
يجب أن نعلم أن الكلام ههنا في فصول:
أحدها: في جواز الظهر قبل فراغ الإمام من الجمعة.
والثاني: في الكراهة.
والثالث: في الانتقاض إذا خرج يريد الجمعة، أما الكلام في الجواز فنقول: بجواز أداء الظهر قبل فراغ الإمام من الجمعة؛ لأن أصل الفرض الظهر لما مر قبل هذا، وأما الكلام في الكراهة فنقول: يكره أداء الظهر قبل فراغ الإمام من الجمعة؛ لأنه مأمور بأداء الجمعة وبإسقاط الظهر بالجمعة، فإذا صلى الظهر قبل فراغ الإمام، فقد خالف أمر الشرع فلهذا يكره، وهذا بخلاف ما بعد فراغ الإمام من الجمعة، فإن بعد فراغ الإمام من الجمعة سقط عنه الأمر بإقامة الجمعة ولزمه أداء الظهر فكان في أداء الظهر موافقاً أمر الشرع لا مخالفاً.
قال في «الأصل» : وإن كان مريضاً يستحب له أن يؤخر الظهر إلى أن يفرغ الإمام من الجمعة، ولو لم يؤخر لا يكره، والصحيح المقيم يؤخر ولو لم يؤخر يكره.
والفرق: أن المريض مأمور بأداء الجمعة لكن استحب التأخير؛ لأنه يرجى على إقامة الجمعة بزوال المرض ساعة فساعة فلا يصير بأداء الظهر مخالفاً أمر الشرع، ولا كذلك الصحيح.
وأما الكلام في انتقاض الظهر إذا خرج يريد الجمعة به، فاعلم بأن هذا الفصل على وجهين: إما إن أدرك الجمعة مع الإمام، أو لم يدرك، فإن أدركها مع الإمام ينتقض ظهره عند علمائنا الثلاثة رحمهم الله، المعذور نحو العبد والمسافر والمريض، وغير المعذور في ذلك على السواء، حتى لو بطلت الجمعة بوجه ما كان عليه إعادة الظهر.
وقال زفر رحمه الله في المعذور: لا ينتقض ظهره هو يقول: بأن فرض المعذور الظهر، وقد صح حين أداه في وقته فلا ينتقض بغيره.
وجه قول علمائنا الثلاثة رحمهم الله: أن المعذور إنما فارق غير المعذور في حق الترخيص بترك السعي إلى الجمعة فإذا سعى التحق بغير المعذور، وأما إذا لم يدرك الجمعة مع الإمام فهذه المسألة على وجهين:
إما إن خرج من بيته والإمام قد فرغ من الجمعة أو خرج من بيته والإمام في الجمعة، فقبل أن يصل إلى الإمام فرغ الإمام من الجمعة، ففي الفصل الأول لا ينتقض ظهره بالإجماع، وفي الفصل الثاني اختلاف.
قال أبو حنيفة رحمه الله: ينتقض ظهره، وقال أبو يوسف ومحمد: لا ينتقض، وهو المذكور في «الجامع الصغير» ، وعلى هذا الخلاف: إذا وصل الإمام والإمام في الجمعة إلا أنه لم يحرم للجمعة حتى سلم الإمام، ولو خرج لا يريد الجمعة لا ينتقض ظهره بالإجماع.