وفي «النوادر» عن محمد: رجل ركع مع الإمام في صلاة الجمعة ولم يستطع أن يسجد لكثرة الزحام، حتى قام الإمام إلى الثانية وقرأ وركع، فركع هذا الرجل معه يريد اتباعه في الثانية وسجد معه، قال: هذا السجود للثانية ولا يقعد مع الإمام، فيقوم ويقضي الأولى بركوع وإن لم يركع مع الإمام في الثانية، ولكنه سجد معه ينوي اتباعه، لا تجزئه هذه السجدة من الركعتين، فإن انحط فسجد قبله ينوي اتباعه ثم أدرك الإمام فيها فهي للأولى، وكذلك إذا سجد بعدما رفع الإمام رأسه ينوي اتباعه في الثانية، وإن سجد مع الإمام في الثانية ينوي الأولى فهي للأولى وروى ابن سماعة عن أبي يوسف، نحو هذا.
قال محمد رحمه الله: ويكره أن يصلي الظهر يوم الجمعة في المصر بجماعة في سجن وغير سجن، هكذا روي عن علي رضي الله عنه، والمعنى فيه: أن المأمور به في حق من يسكن المصر في هذا الوقت شيآن، ترك الجماعة وشهود الجمعة، فأصحاب السجون قدروا على أحدها وهو ترك الجماعة، فيأتون بذلك ولو جوزنا للمعذور إقامة الظهر بالجماعة ربما يقتدي بهم غير المعذور، وفيه تقليل الناس في الجامع.
بخلاف القرى حيث يصلي أهلها الظهر بالجماعة؛ لأنه ليس على من يسكنها شهود الجمعة، فكان هذا اليوم في حقهم كسائر الأيام، والمسافرون إذا حضروا يوم الجمعة في مصر يصلون فرادى، وكذلك أهل المصر إذا فاتتهم الجمعة، وأهل السجن والمرضى تكره لهم الجماعة والمريض الذي لا يستطيع أن يشهد الجمعة، إذا صلى الظهر في بيته بغير أذان وإقامة أجزأه، وإن صلاها بأذان وإقامة فهو حسن؛ لأن هذا اليوم في حق المريض كسائر الأيام، من صلى الظهر في بيته إن صلاها بغير أذان وإقامة، فهو جائز وإن صلاها بأذن وإقامة فحسن كذا ها هنا.
وفي القدوري ومن فاتته الجمعة صلى الظهر بغير أذان ولا إقامة، وكذلك أهل السجن والمرضى والعبيد والمسافرون، ذكر الحاكم في المسافر مثلاً مسافر أدرك الإمام يوم الجمعة في التشهد صلى أربعاً بالتكبير الذي دخل به معه.
الغسل يوم الجمعة سنّة بالإجماع، والأصل فيه ما روي عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال:«من السنّة الغسل يوم الجمعة» ، واختلفوا في أن الغسل للصلاة أو للوقت ذكر الفضلي في «فتاويه» ، عن أبي يوسف أن الغسل لليوم.
وفي «الأصل» و «الطحاوي» و «القدوري» : أن الغسل عند أبي يوسف للصلاة، وعند الحسن لليوم وفي «العصام» : أن الغسل على قول أبي يوسف لليوم، وعلى قول محمد للصلاة.
قال الفضلي في «كتابه» : الاغتسال للصلاة لا لليوم؛ لإجماعهم على أنه لو اغتسل بعد الصلاة، لا يكون مقيماً للسنّة، ولو كان الغسل لليوم، لصار مقيماً للسنّة ولكن هذا ليس بصواب، فقد ذكر في «شرح الإسبيجابي» أن الغسل يقع سنة على قول من يقول: بأن الغسل سنّة اليوم، وإذا اغتسل بعد طلوع الفجر ثم أحدث وتوضأ، وصلى لم تكن صلاة بغسل، وإن لم يحدث حتى صلى كان صلاة بغسل، وهذا على قول من يقول بأن الغسل سنّة الصلاة.