فلا يصير الخروج في هذه الحالة سبباً للوقوع في الفتنة.
بخلاف الظهر والعصر؛ لأنهما يؤديان في ضوء النهار فيقع بصر الرجال عليها، وبخلاف الجمعة فإنها تؤدى في المصر بجمع عظيم، ولكثرة ربما تصدم وتصتدم وفي ذلك فتنة؛ لأن العجوز إن كان لا يشتهيها شاب يشتهيها شيخ مثلها وربما تحمل فرط الشبق بالشاب على أن يشتهيها ويقصد أن يصدمها، فأما صلاة العيد تؤدى في الجبانة فيمكنها أن تعتزل ناحية عن الرجال كيلا تصدم. ثم إذا خرجن في العيد هل يصلين؟ روى الحسن عن أبي حنيفة رحمه الله أنه قال: يصلين؛ لأن المقصود من الخروج الصلاة، وروى المعلى عن أبي يوسف رحمه الله عن أبي حنيفة رحمه الله: أنه لا يصلين وإنما خروجهن لتكثير سواد المسلمين، جاء في حديث أم عطية:«كن النساء يخرجن مع رسول الله عليه السلام في العيدين حتى ذات الحيض» ومعلوم أن الحائض لا تصلي فعلمنا أن خروجهن لتكثير سواد المسلمين.
قال في «الأصل» : وللمولى منع عبده من حضور العيدين، ولا يكره في العبد التخلف عنها؛ لأنها لم تكتب عليه. قال شمس الأئمة الحلواني رحمه الله: ذكر في «الكتاب» محمول على ما إذا لم يأذن المولى، فأما إذا أذن له المولى فتخلف عنها يكره كما في الحر.
قال رحمه الله: وهذا موضع اختلاف وقد تكلموا فيه، قال بعض مشايخنا: له أن يتخلف عنه وإن أذن له المولى، وقال بعضهم: ليس له أن يتخلف عنه لأن المولى لو أمره بخدمة نفسه كان عليه طاعته لا يسعه التخلف فإذا أمره بخدمة الله تعالى أولى.
وفي شرح شيخ الإسلام رحمه الله: إذا أذن المولى للعبد أن يشهد العيدين كان له أن يشهدها؛ لأن المنع كان لحق المولى وقد أبطل المولى حق نفسه لما أذن له أن يشهدها، ولكن لا يجب عليه؛ لأن منافع العبد لم تصر مملوكة له بالإذن فالحال بعد الأذن كالحال قبله، قال: فلا ينبغي أن يشهد العيدين بغير إذن مولاه.
قال بعض مشايخنا: إنما لا يشهد العيدين بغير إذن مولاه إذا علم أنه لو استأذن رضي بذلك وهو لا يتخلف عنها، وذكر شمس الأئمة السرخسي رحمه الله اختلاف المشايخ في العيد: إذا حضر مصلى العيد مع مولاه ليحفظ دابته هل له أن يصلي صلاة العيد بغير إذن المولى؟ قال رحمه الله:.....
مولاه في إمساك دابته، وروي عن محمد رحمه الله: أن له أن لا يصلي العيد وإن تمكن من ذلك وأذن له السيد بأدائها. والله أعلم بالصواب، وبه ختم النوع.