التكبيرات ليست بقراءة ولا لها شبهاً بالقراءة فتعطل العمل بالحقيقة، وكذلك متى عملنا بالحكم في حق الثناء وتكبيرة الركوع وهما سنّتان فلزمنا العمل بالحكم في حق تكبيرات العيد وهي واجبة من طريق الأولى على أنه لا رواية في الثناء عن محمد رحمه الله.
وقد اختلف المشايخ فيه بعضهم على أنه يأتي بالثناء في حالة الركوع؛ لأن محل الثناء وهو القيام باقي، والثناء سنّة وتسبيحات الركوع أيضاً سنّة، فكان له أن يأتي بأيهما شاء، وكذلك متى عملنا بالحكم في حق القنوت.
والشرع نهانا عن القراءة في الركوع وللقنوت شبهاً بالقرآن، فإنه ذكر مؤلف منظوم كالقرآن، ولهذا اختلف الصحابة فيه، فأبي بن كعب كان يجعله من القرآن وكان يسميه ... وكتب في مصحفه بسم الله الرحمن الرحيم اللهم إنا نستعيك إلى قوله: ونترك من يفجرك ثم كتب بسم الله الرحمن الرحيم اللهم إياك نعبد إلى آخره، فلزمنا العمل بالحكم في حق التكبيرات؛ لأنها ليست بقراءة ولا لها شبهاً بالقراءة فتعطل العمل بالحقيقة، فعملنا على الوجه الذي قلنا: ليمكننا العمل بالحكم والحقيقة، وقوله: إن هذه سنّة فاتت عن محلها.
قلنا: لا نسلم بأنها فاتت عن محلها؛ وهذا لأن محلها عنده القيام والركوع، ولا نقول: بأن هذا قضاء بل هو أداء لما كان الركوع محلاً له، وقوله: بأن الركوع محل للتسبيحات فلو اشتغل بالتكبيرات تفوته التسبيحات.
قلنا: ولو اشتغل بالتسبيحات تفوته التكبيرات أيضاً إلا أن التكبير من أخص الأذكار بهذه الصلاة وليس للتسبيح هذه الخصوصية، فكان الاشتغال بالتكبير أولى، فلو أنه اشتغل بالتكبيرات في الركوع فلما كبر تكبيرة أو تكبيرتين رفع الإمام رأسه من الركوع رفع هو رأسه، وسقط عنه ما بقي من التكبيرات؛ لأنه لو أتى بها لا أن يأتي في الركوع أو بعدما رفع رأسه عن الركوع لا وجه إلى الأول؛ لأن الركوع بعدما رفع الإمام رأسه ليس بقيام حكماً لأنه إنما صار قياماً حكماً لكونه سبباً لإدراك الركعة أنه يصير سبباً، لإدراك الركعة بشرط المشاركة وقد انقطعت المشاركة فلا يبقى قياماً حكماً، ولا وجه إلى الثاني؛ لأن القومة التي بين الركوع والسجود ليس بمحل للتكبيرات.
قال محمد رحمه الله في «الجامع الصغير» : ولو أن رجلاً دخل مع الإمام في صلاة العيد في الركعة الأولى بعدما كبر الإمام تكبير ابن عباس رضي الله عنه ست تكبيرات، فدخل الرجل معه وهو في القراءة، والرجل يرى تكبير ابن مسعود رضي الله عنه، فإنه يكبر برأي نفسه في هذه الركعة وفي الركعة الثانية يتبع رأي الإمام.
والجملة في ذلك أن نقول: بأن المنفرد يتبع رأي نفسه، والمقتدي يتبع رأي الإمام ما لم يظهر خطأ الإمام بقين؛ وهذا لأن كل مجتهد مأمور بأن يعمل باجتهاده؛ لأن اجتهاده صواب عنده، واجتهاد غيره خطأ عنده، وكل مجتهد مأمور بأن يعمل ما هو