«من صلى بعد العيد أربع ركعات كتب الله تعالى له بكل نبت وبكل ورقة حسنة» .
قال القاضي الإمام أبو جعفر الإسترسي: كان شيخنا أبو بكر الرازي رحمه الله يفتى بقول أصحابنا رحمهم الله: وليس قبل العيدين صلاة ليس قبل العيدين صلاة مسنونة؛ لأن الصلاة قبل العيدين مكروه، إلا أن الكرخي نص على الكراهة فإنه قال: ويكره لمن حضر المصلى يوم العيد التنفل قبل الصلاة. والله أعلم.
وقال بعض الناس: لا يكره التطوع قبل العيد ولا بعدها، لا في حق القوم ولا في حق الإمام. وقال الشافعي: يكره في حق الإمام، ولا يكره في حق القوم.
ذكر في «نوادر الصلاة» : ولا شيء على من فاتته صلاة العيد مع الإمام، وقال الشافعي: يصلي وحده كما يصلي مع الإمام، وهذا بناءً على أن المنفرد هل يصلي صلاة العيد؟ عندنا لا يصلي، وعنده يصلي؛ لأن الجماعة والسلطان ليس بشرط عنده، فكان له أن يصلي وحده، فإذا فاتته مع الإمام لم يعجز عن قضائها.
فقال بالقضاء كالتراويح إذا فاتت بالجماعة في رمضان يقضيها وحده؛ لأنه قادر على قضائها، لأنه يجوز الأداء منفرداً كما يجوز بجماعة كذا ههنا. وعلماؤنا رحمهم الله قالوا: لا يجوز إقامتها إلا بشرائط مخصوصة منها الإمام، فإذا فاتت مع الإمام فقد عجز عن قضائها، فلا يلزمه القضاء.
فإن قيل: صلاة العيد قائمة مقام صلاة الضحى، ولهذا تكره صلاة الضحى قبل صلاة العيد، وإذا قامت مقام صلاة الضحى، وهو قادر على صلاة الضحى إن عجز عن إقامة صلاة العيد وجب أن تلزمه صلاة الضحى لتقوم مقام صلاة العيد، كما إذا فاتته الجمعة يلزمه إقامة الظهر، وإنما تلزمه لما قلنا.
قلنا: نعم صلاة العيد أقيمت مقام صلاة الضحى، فإذا عجز عن إقامة صلاة العيد لفوات الشرائط عاد الأمر إلى الأصل وهي صلاة الضحى، وصلاة الضحى غير واجبة في الأصل بل يتخير في ذلك.
وفي أداء الجمعة لما عجز عن أداء الجمعة لفوات الشرائط سقطت عنه الجمعة، وعاد الأمر إلى ما كان قبل الجمعة، وقبل الجمعة كان يلزمه أداء الظهر، ولا يتخير في أدائه، فكذلك بعدها، فإن أحب أن يصلي صلى إن شاء ركعتين، وإن شاء أربعاً، ويكون ذلك صلاة الضحى والأفضل أن يصلي أربع ركعات، لما روي عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال: من فاتته صلاة العيد صلى أربع ركعات، يقرأ في الركعة الأولى:{سَبِّحِ اسْمَ رَبّكَ الاَعْلَى}(الأعلى: ١) ، وفي الثانية:{وَالشَّمْسِ وَضُحَهَا}(الشمس: ١) ، وفي الثالثة:{وَالَّيْلِ إِذَا يَغْشَى}(الليل: ١) ، وفي الرابعة:{وَالضُّحَى}(الضحى: ١) . وروي في ذلك عن النبي عليه السلام وعداً جميلاً وثواباً جزيلاً.